سقوط بالجملة.. قيادات الإخوان بتونس تتأرجح على حبال "التسفير"
سقوط بالجملة لقيادات الإخوان المتورطين في أخطر شبكة إجرامية وإرهابية في تاريخ تونس؛ والمعروفة بقضية "التسفير".
ووفق مراقبين، فإن قضية "تسفير الإرهابيين" إلى بؤر التوتر هي القضية التي ستلف حبال المشانق على رقاب قيادات إخوانية كان همها الوحيد طيلة العشرية الأخيرة، خدمة مصالح تنظيم الإخوان العالمي دون مراعاة مصالح الوطن الأم.
وقال عدد من الأمنيين في تصريحات سابقة، إن تنظيم الإخوان لعب دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار قرطاج وصولا لبؤر التوتر، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال.
فيما أكدت مصادر قضائية لـ"العين الإخبارية"، أنّ قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أصدر مذكرات توقيف في حق كل من فتحي البلدي المكلف بمهمة سابقا بديوان وزير الداخلية والمسؤول عن الجهاز السري للإخوان بالوزارة، ومحرز الزواري المدير العام الأسبق للمصالح المختصة (المخابرات) بوزارة الداخلية، وسيف الدين الرايس المتحدث الرسمي سابقا باسم تنظيم "أنصار الشريعة" المحظور والمصنف كتنظيم إرهابي.
وتابعت المصادر أن قاضي التحقيق أصدر في ساعات متأخرة من ليلة أمس، مذكرة توقيف في حق عبد الكريم العبيدي رئيس فرقة حماية أمن الطائرات بوزارة الداخلية، وذلك في نفس القضية المتعلقة بشبكات التسفير إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج التراب التونسي.
قيادات خطيرة
ويعتبر العبيدي من أخطر عناصر خلية الأمن الموازي للإخوان داخل وزارة الداخلية، وتم اتهامه سابقا بالتورط في ملف اغتيال القياديين اليساري شكري بلعيد والقومي محمد البراهمي.
أما فتحي البلدي الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف، فارتبط اسمه بالتحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية بشأن الجهاز السري للإخوان، سواء في أثناء ممارسته عمله مستشارا لوزير الداخلية الإخواني الأسبق، علي العريض، أو بعد استبعاده من المنصب، وتم وضعه رهن الإقامة الجبرية في نهاية عام 2021 لمدة شهرين.
والبلدي هو رجل الظل الذي زرعته حركة النهضة عام 2012 في وزارة الداخلية، وكان يعمل على عملية انتداب الأمنيين تحت شرط الولاء للتنظيم الإخواني. كما كان الرجل أحد رجال الأمن قبل عام 2011، وبعد التفطن لانتمائه للجهاز السري للإخوان، تمّ عزله والحكم عليه بالسجن لمدة تفوق الـ15 عاما بتهمة الانتماء لتنظيم غير معترف به.
وفي عام 2011، تمت إعادة إدماج البلدي في وزارة الداخلية ومنحه كافة الامتيازات، وشغل منصب مستشار وزير الداخلية آنذاك علي العريض في حكومة حمادي الجبالي، ولم يفارق العريض حتى عند ترؤسه لحكومة الترويكا الثانية، ولكن بصفة غير رسمية.
أما سيف الدين الرايس المتحدث الرسمي باسم تنظيم أنصار الشريعة المحظور، فقد تمت محاكمته سابقا بتهم "الانضمام إلى تنظيم إرهابي، والدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية، وجمع تبرعات وأموال لفائدة تنظيم إرهابي".
وفي 2014، اعترف الرايس بوجود مخطط دموي يستهدف تونس وذلك قصد إقامة دولة الخلافة الإسلامية، وأن الجهاز العسكري في تنظيم أنصار الشريعة الذي ينتمي إليه، يخطط للقيام بأعمال إرهابية تستهدف منشآت حيوية.
الرايس مضى معترفا في ذلك الوقت، بأنه كان على علم بالفتاوى الصادرة من التنظيم الإرهابي ضد عدد من السياسيين والأمنيين والعسكريين، وكانت تربطه علاقات بقاتل القيادي اليساري شكري بلعيد، كمال القضقاضي ومجموعته.
ملف القضية
وبصفة عامة، تضمن ملف قضية "تسفير الإرهابيين"، الذي رفعته البرلمانية السابقة وعضو لجنة التحقيق البرلمانية في ملف التسفير، فاطمة المسدي، وثائق "تؤكد تورط جهات رسمية أجنبية في تزوير جوازات سفر لإرهابيين كانوا بجبهات القتال بسوريا، من أجل العودة إلى تونس".
كما تضمن الملف وثائق تدل على وجود أمنيين متورطين في استخراج جوازات سفر لإرهابيين دون تثبت، خلال عامي 2012 و2013 اللذين شهدا قيام رحلات منظمة عبر شركة "سيفاكس إيرلاينز" التابعة للبرلماني الإخواني محمد فريخة و"شركة الطيران التونسية" وشركة أجنبية، حاملة إرهابيين إلى بؤر التوتر.
الملف تضمن أيضا تورط حركة النهضة الإخوانية، في أنشطة متطرفة، ساهمت في "غسل دماغ" للشباب قبل تسفيرهم إلى سوريا، وتورط في هذه الأنشطة الإخوانيان رضا الجوادي، والحبيب اللوز، وبعض الجمعيات القريبة من التنظيم الإرهابي.
وأبرز الملف، تسهيل قيادات أمنية لعملية التسفير عبر تدليس جوازات السفر، وضلوع جمعيات وأحزاب سياسية وشركات في تمويل عملية التسفير.
"خيانة"
وأكد عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي أن قضية التسفير من أخطر القضايا التي عاشتها تونس، والتي تورطت فيها حركة النهضة في إطار لعبة دولية وإقليمية.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن جميع هذه القيادات تم توقيفها سابقا والتحقيق معها، لكن يد الإخوان داخل القضاء تتستر على جرائمها، ويتم فيما بعد إطلاق سراحها. لكن بعد 25 يوليو/تموز 2021، وعزل المدعي العام البشير العكرمي الذي يخفي ملفات الجماعة، تغير الوضع.
وأكد أن الشباب غرر به وخضع لعملية غسل دماغ ودفع للتطرف من حصص دينية لدعاة متعصبين جلبتهم قيادات الإخوان، لتدمير عقول التونسيين، إضافة لأموال طائلة مكنوا منها هؤلاء الشباب لإغرائهم في إطار لعبة دولية وإقليمية.
وأضاف أن التحقيقات الجارية تثقل كاهل إخوان تونس سواء قضائيا أو سياسيا أو حتى شعبيا، موضحا أن موسم الحساب بدأ ونهاية الإخوان الأبدية اقتربت.
ولفت إلى أن "تورط ضباط أمن في خدمة الإرهاب دليل قوي على حجم الدمار والخيانة في عهد الإخوان".
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0MyA= جزيرة ام اند امز