الاستقالات المدوية زلزال يربك "بيت العنكبوت" الإخواني بتونس
زلزال يهز الأركان الداخلية لحركة النهضة الإخوانية إثر استقالة نائب رئيس الحركة عبدالحميد الجلاصي
زلزال يهز الأركان الداخلية لحركة النهضة الإخوانية إثر استقالة نائب رئيس الحركة عبدالحميد الجلاصي، وملفات انكشفت مضامينها عن مستوى الاستبداد الذي يمارسه راشد الغنوشي داخل أروقة حركته.
ورغم أن اللعبة الديمقراطية لا تنسجم وأدبيات الإخوان التاريخية، فإن سلوك راشد الغنوشي السياسي تجاوز استبداده تجاه أبناء حركته إلى حد الفساد المالي والاستئثار بالحزب لخدمة أجنداته العائلية، وفق تقييمات العديد من المتابعين لتطورات الأوضاع داخل النهضة.
ويقول الباحث في الجماعات الإسلامية قدور السيناوي: "هي دائما العائلة التي تسكن في كل الزوايا المشبوهة والمظلمة لقرارات الغنوشي والتي أربكت (بيت الإخوان) المهزوز بخسارات الرئاسية والتشريعية وفشل حكومة الحبيب الجملي وعجزها عن التموقع في الثنايا المفصلية لحكومة الفخفاخ".
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن دخان الحرب والنزاعات الدموية بين أبناء "الجماعة" تستمد وقودها من الصراع على تقاسم غنيمة الأموال المتدفقة من الخارج، إلى جانب السباق المحموم على التموقع داخل الدولة، موضحا أن حركة النهضة تريد لعب نفس الدور الذي لعبه حزب "التجمع الدستوري" المنحل (حزب زين العابدين بن علي) بجمع المصالح العائلية بمصالح الدولة.
وكان الرجل الثاني في حركة النهضة الإخوانية عبدالحميد الجلاصي قدّم، الأربعاء، استقالته من الحزب، واضعا حدا لانتمائه إلى التنظيم الإخواني بعد 40 سنة من المشاركة السياسية ضمنه.
وأعلن الجلاصي استقالته في رسالة وجهها للرأي العام واتهم فيها رئيس الحركة بالفساد السياسي مع التنبؤ له بالنهايات الدراماتيكية.
وتعد الاستقالة "صفعة" قوية لحركة إخوان تونس، ومنعرجا مفصليا في تاريخها، خاصة أن الأسباب الخفية التي تقف وراء الاستقالة هي غياب الديمقراطية داخل حركة النهضة.
وأسقطت حركة النهضة باستقالة الجلاصي حلقة أخرى في سلسلة أعمدتها التاريخية، بعد اعتزال مؤسسها عبدالفتاح مورو العمل السياسي (عقب خسارة الانتخابات الرئاسية 2019) واستقالة أمينها العام زياد العذاري وانسحاب أمينها العام السابق حمادي الجبالي من النشاط داخل الإخوان، وتنحي أمين سر مكتب الحركة زبير الشهودي.
وتعود التفاعلات الداخلية لحركة النهضة قبل شهر من الموعد المحدد لمؤتمرها الانتخابي.
ورغم أن قوانين النهضة الداخلية تمنع الغنوشي من الترشح مجددا، فإن مصادر مطلعة تؤكد لـ"العين الإخبارية" أن ابنه معاذ الغنوشي وصهره رفيق عبدالسلام يدفعانه إلى الاستيلاء على الحزب لأسباب متعلقة بموارد مالية مشبوهة احتكرها "آل الغنوشي" من جهات أجنبية على غرار تركيا وقطر.
الغنوشي.. رئيس البرلمان المأزوم
ويرى مراقبون أن الخيارات السياسية المتاحة أمام الغنوشي لا تبدو مفتوحة، ولا يبدو زعيم الإخوان في موقع مريح بعد بداية انهيار بيته الداخلي واستقالة نائبه الأول.
كذلك أسهم تتالي الاتهامات التي يتلقاها داخل البرلمان والمتمثلة في سوء الإدارة وتوتير الأجواء البرلمانية في تأزيم وضع رئيس حركة النهضة الإخوانية بشكل أكبر.
وتقف زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسى في موقع المعارضة الجذرية لسياسة الإخوان داخل البرلمان، ما عطّل عمل مجلس نواب الشعب.
ويصف المراقبون فترة ترؤس الغنوشي للبرلمان بالأسوأ في تاريخ تونس منذ استقلالها سنة 1956، حيث واجه انتقادات عديدة بخصوص انحيازه لحزبه وعدم إنصاف الأحزاب المعارضة في التدخل والتعبير عن رأيها داخل البرلمان.
وتقول عبير موسى رئيسة "الحزب الدستوري الحر"، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الغنوشي لا يمثل البرلمان وهو زعيم "التكفير" في تونس.
كما أكدت استغلاله المؤسسة التشريعية لخدمة أجنداته الشخصية.
بالإضافة إلى أن الغنوشي يواجه اتهامات من قبل الكتلة الديمقراطية (41 مقعدا) وكتلة الإصلاح (16 مقعدا) بسوء الإدارة للمجلس وضعف تسيير دواليب البرلمان.
من جانبه، اعتبر رئيس حزب "مشروع تونس" محسن مرزوق أن البرلمان الذي أنتجته انتخابات 2019 هو برلمان ضعيف وبلا أفق سياسي ولم يطرح حتى الآن أي مشروع قانوني لتطوير الاقتصاد.
وتابع، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الوضع السياسي في تونس هو وضع دقيق في ظل الصراع المفتوح بين رئاسة الجمهورية المتمثلة في شخص قيس سعيد ورئاسة البرلمان المتمثلة في راشد الغنوشي.
aXA6IDMuMTQ5LjI1MC4xOSA= جزيرة ام اند امز