إفلاس تونس.. الخصخصة تطرق أبواب "الخضراء"
تحتاج الموازنة العامة لتونس إلى تمويلات لإنقاذها من الإفلاس، وذلك لمجابهة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وبحسب أرقام رسمية، فإن تونس مطالبة بتسديد ديون بنحو 7 مليارات دولار وسط شح في مواردها من العملة الصعبة.
والأسبوع الماضي شدّد رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني على مزيد من تضافر جهود كلّ الأطراف المتداخلة في الحكومة لاسترجاع توازنات المالية العمومية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي الشامل.
ويرى خبراء الاقتصاد أن تونس في حاجة ماسة إلى القرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار والذي من شأنه أن يتيح للمانحين الدوليين لمساعدة تونس ماليا.
وهذا القرض الذي يرفضه الرئيس التونسي قيس سعيد يفرض إملاءات وشروطا صعبة التحقيق وتزيد في تفاقم الوضع الاجتماعي في البلاد، حسب تأكيد سعيد في أكثر من مناسبة.
في حين أكد وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيّد، منذ شهر أنّه لا بدّ من الذهاب إلى "الإصلاحات"، وفق تعبيره، من أجل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف، في مداخلة له خلال جلسة عامة بالبرلمان التونسي، أنّه "إلى حد هذه اللحظة ليس هناك أيّ بديل لتونس عن صندوق النقد الدولي"، مستطردًا القول: "من لديه بديل أو خطة "ب" فليتقدم لنا بها".
وحصلت تونس في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) على اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء من "صندوق النقد الدولي" لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار يسدد على أربع سنوات شريطة التزام الحكومة الحالية جملة إصلاحات جوهرية.
ومن بين هذه الشروط الإصلاحية، خصخصة المؤسسات الحكومية التي تعاني أزمات مالية وتعاني من الإفلاس ومن بينها بنك الإسكان ووكالة التبغ والوقيد(الكبريت) وبعض الأرصفة من ميناء رادس(اكبر موانئ تونس).
في حين يرى الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل أن الحل يكمن في إصلاح هذه المؤسسات وعدم التفويت فيها.
ويرى متخصصون أن "التفويت" في بنك الإسكان ووكالة التبغ والوقيد سيدر على خزانة الدولة أموالاً بقيمة 9 مليارات دينار (حوالى 2.9 مليار دولار) ستخصص لسد عجز الموازنة.
وأكد حسن عبد الرحمان الخبير الاقتصادي التونسي أن التفويت في المؤسسات الخاسرة ليست خطأ أو عيبا لكن يجب أن يتم تنفيذها بطريقة مدروسة وهي إجراء معمول به في كل بلدان العالم خاصة وأنها تكبد الدولة خسائر فادحة وتضطرها إلى التداين.
وأشار في تصريحات لـ"العين الإخبارية " إلى أن الإصلاح في هذه الفترة أمر صعب ويتطلب ضخ أموال ضخمة للنهوض بالمؤسسات الخاسرة وحينها يمكنها أن تدر عائدات مالية لكن يمكن تحقيق ذلك على مدى طويل.
وتابع "لكن بيع المؤسسات المفلسة للخواص ليس بالضرورة طرد الموظفين والعمال ويمكن التنصيص على ذلك ضمن بنود العقد".
وأوضح أن الوضع الاقتصادي في تونس صعب للغاية ما يستوجب إجراءات عاجلة لمواجهتها خاصة وأنه لا بديل عن الاقتراض، مثلما قاله وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد في أكثر من مناسبة، رغم أن نسبة التداين تجاوزت حاجز الـ80% من الناتج الداخلي الخام.
وأشار إلى تراجع مخزون العملة الصعبة في البلاد بسبب شح الاقتراض الخارجي، كان له تداعيات سلبية على قدرة تونس على اقتناء المواد الأساسية، ما خلق اضطرابًا حادًا في التزود بالمواد الأساسية.
حجم المديونية
وتعاني معظم الشركات الحكومية التونسية من مديونية كبيرة وعجزت كل الحكومات المتعاقبة بعد 2011 عن معالجة هذا الملف، نظراً إلى صعوبة المفاوضات مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يرفض الإصلاح ويطالب دائما بالترفيع في الأجور والمنح مقابل عدم المردودية.
وفي تونس 104 مؤسسات حكومية تنشط في قرابة 21 قطاعا اقتصاديا، أغلبها متواجد في ميادين الطاقة والصناعة والصحة والخدمات.
وتنامت مديونية الشركات الحكومية بنسبة 8.2 في المئة في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2020 وفق ما أفصحت وزارة المالية بسبب تفاقم العجز المالي في ثلاث مؤسسات هي الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية وشركة نقل تونس وشركة الخطوط التونسية.
وفي سنة 2017،قال توفيق الراجحي، الوزير المكلف لدى رئيس الحكومة التونسية بالإصلاحات الكبرى، أم الدولة تخطط للتفويت (الخصخصة) في 15 مؤسسة حكومية، لكن لم يتم تحقيق ذلك في ظل الرفض الحاد للاتحاد العام التونسي للشغل لهذه الفكرة.