تونس بعد السبسي.. الناصر رئيسا وقانون الانتخاب يبعثر أوراق الإخوان
رحيل السبسي دون أن يوقع على القانون الانتخابي يفاقم الجدل ويرفع منسوب الاحتقان في واحدة من أصعب المراحل السياسية التي تشهدها البلاد.
مع الإعلان عن وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، عن عمر يناهز 93 عاما صباح الخميس، يتجدد الجدل حول شغور منصب رئيس الجمهورية والآجال القانونية لتولي خلفه المنصب وغيرها من التفاصيل التقنية.
لكن رحيل السبسي دون أن يوقع على القانون الانتخابي الجديد يفاقم الجدل المتفجر ويرفع منسوب الاحتقان في واحدة من أصعب المراحل السياسية التي تشهدها البلاد.
والأهم هو أنه يفجع إخوان تونس ممن كان يأملون في أن يقصي القانون المعدل جميع الشخصيات الليبرالية المرشحة بقوة للفوز بالاستحقاقات المقبلة، وفق استطلاعات الرأي.
ومع أن جدل منصب شغور منصب الرئيس يحسمه الدستور، إلا أن خبراء يحذرون من أمرين: أولهما غياب المحكمة الدستورية، وثانيهما مسألة عدم التوقيع على القانون الانتخابي المعدل.
وهو الأمر الذي من شأنه أن يزج بالبلاد في متاهة تجاذبات لا تنتهي بين مختلف مكونات مشهد سياسي متناحر ومتنافر إلى حد كبير.
الناصر خلفا للسبسي
أستاذ القانون الدستوري التونسي قيس سعيد استعرض مقتضيات القانون الأعلى بالبلاد في حالة وفاة الرئيس والذي يدخل ضمن بند شغور منصب الرئيس بسبب الوفاة.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال سعيد إن الحالة تتعلق هنا بشغور دائم وليس مؤقتا، وهذا يتعلق هنا بتجاوز حالة الشغور المؤقت آجالها القانونية أو الاستقالة أو العجز التام أو الوفاة.
وأضاف سعيد قائلا: بما أن السبب يتعلق بحالة وفاة، فإن المحكمة الدستورية مدعوة أيضا للاجتماع فورا، وتتولى إقرار الشغور النهائي، وإبلاغ رئيس مجلس نواب الشعب بذلك، والأخير يتولى فورا مهام الرئيس مؤقتا لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما.
وبموجب مقتضيات الدستور، فإن رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر سيتولى مهام الرئاسة لمدة أقصاها 90 يوما، وهي المدة التي تفصل البلاد عن إجراء انتخاباتها الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
غياب المحكمة الدستورية
لكن الإشكال الذي يقف بوجه تطبيق مقتضيات الدستور بهذا الشأن هو غياب المحكمة الدستورية في تونس، وذلك في ظل فشل البرلمان في استكمال انتخاب 3 من النواب الأربعة للمحكمة ممن يعود إليه انتخابهم، من أصل أعضائها الـ12.
غير أن إعلان الناصر، في كلمة مقتضبة بالتلفزيون الرسمي في تونس، توليه منصب الرئيس خلفا للسبسي استبطن تجاوزا لهذا الإشكال الدستوري، ويبدو أن الأمر حصل خلال لقاء جمع، في وقت سابق الخميس، بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
القانون الانتخابي المعدل
يظل القانون الانتخابي هو الإشكال الأبرز المهيمن على المشهد السياسي في تونس، كما يعد في الوقت نفسه متنفسا لعدد من المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة.
فالقانون المعدل وضع عقبات تقصي بعض الشخصيات التي أعلنت نيتها خوض غمار السباق الرئاسي، في توجه يعتبر حصيلة جهود الإخوان ممثلين في حركة النهضة الإخوانية التي تهيمن على البرلمان بـ68 نائبا من أصل 217 بالبرلمان.
وبانقضاء الآجال القانونية دون توقيع القانون المعدل ووفاة السبسي دون القيام بذلك، فإن الدستور يقضي باعتماد نص القانون الأصلي قبل التعديلات.
وهو ما يعتبر ضربة قاضية للإخوان ممن كانوا يأملون في إقصاء شخصيات ليبرالية وتقدمية مرشحة بقوة لاكتساح القبة التشريعية وقصر الرئاسة.