السبسي يبطل خطة إقصاء خصوم إخوان تونس من انتخابات الرئاسة
الرئيس التونسي تجاهل التوقيع على تعديلات قانون الانتخاب.. ومراقبون عدوا الخطوة انتصارا للديمقراطية.
أجواء من الاحتقان تخيم على المناخ السياسي التونسي بعد تجاهل الرئيس الباجي قائد السبسي التوقيع على التعديلات الجديدة للقانون الانتخابي.
وصادقت الأغلبية البرلمانية في 18 يونيو/حزيران المنقضي على تعديلات بقانون الانتخابات تمنع بمقتضاها كل رؤساء الجمعيات الخيرية ورؤساء المؤسسات الإعلامية من الترشح للانتخابات لكونهم تمتعوا بالإشهار السياسي.
وخلقت هذه التعديلات جدلا سياسيا لأنها تفرض على رجل الأعمال والمتصدر في استطلاعات الرأي الخاصة بالتصويت في الانتخابات الرئاسية نبيل القروي عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر تنيظمهما في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني المقبلين، وفي ذلك يرى مراقبون أنها محاولات من يوسف الشاهد لإقصاء خصومه البارزين من أجل التفرد بالسلطة قبل إجراء الانتخابات.
وفي الوقت الذي كان من المنتظر أن يوقع رئيس الدولة على هذه التعديلات حتى تصبح نافذة قبل يوم 22 يوليو/تموز موعد تقديم الترشيحات، اكتفى قائد السبسي بالصمت دون أن يعطي أي إشارة إلى رفضه أو قبوله للقانون الجديد.
هذا الصمت اعتبره العديد من المراقبين تعبيرا عن رفض الرئيس للنقاط الجديدة، وموقفا من المقترح الحكومي الذي تتزعمه كتلة الائتلاف الوطني التابعة ليوسف الشاهد وكتلة النهضة التابعة لإخوان تونس.
اختلافات قانونية في قراءة التعديلات
ويؤكد أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية عز الدين النيفر أن عدم توقيع الرئيس على التعديلات في آجالها القانونية التي انتهت يوم 19 يوليو تصبح "لاغية" ولا يجب على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (الجهة المشرفة على العملية الانتخابية) اعتمادها أو العمل بها، على حد قوله.
وتنطلق يوم الإثنين 22 يوليو/تموز عملية قبول الترشيحات للانتخابات التشريعية وتبقى ممتدة حتى آخر شهر يوليو/تموز.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الشخصيات السياسية التي كانت مقصودة بالتعديلات بإمكانها أن تتقدم بطلب الترشح للموعد الانتخابي دون أي عائق قانوني أو دستوري، مبررا ذلك لعدم صدور هذه التعديلات في الرائد الرسمي التونسي (الصحيفة الرسمية).
ويقول النيفر إن رئيس الدولة له الحق في استخدام "الفيتو" على أي قانون يمر بالبرلمان، وذلك في إطار صلاحياته المحددة في النصوص الترتيبية والتشريعية، كما أن للرئيس حق النقض عن طريق عرض القانون على الاستفتاء.
غموض يعيد الصراع بين القصبة وقرطاج
هذا الصمت الرئاسي على التعديلات الطارئة على قانون الانتخابي جعل من الباجي قائد السبسي محل انتقاد من نواب حركة "تحيا تونس" التي يتزعمها يوسف الشاهد.
واعتبر النائب في البرلمان وليد جلاد في تدوينة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن غياب الموقف الرئاسي عن التوقيع هو مسألة غير قانونية، وأن الباجي قائد السبسي يعمل تحت التأثير السلبي لنجله حافظ قائد السبسي.
هذه الاتهامات أجاب عنها نجل الرئيس قائلا في تصريحات تلفزيونية: إن قائد السبسي لا يعمل على إرساء قوانين إقصائية وغير ديمقراطية، وهو يعرف حدود صلاحياته بالوجه الأكمل".
وقد أطلق بذلك صراعا جديدا بين قصر الحكومة بالقصبة ورئاسة الجمهورية.
وفي السياق ذاته قال عاطف محجوب القيادي بحزب نداء تونس في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن الرئيس انتصر للديمقراطية بعدم تفعيل التعديلات المذكورة، وأن موقفه هو موقف رجل الدولة الحكيم الذي يريد تهيئة بلاده على الطريق الصحيح للديمقراطية.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الرئيس لم يتجاوز صلاحياته وإنما أغلق الباب عن كل الشهوات المريضة على السلطة، والتي برزت لدى العديد من الأحزاب، مشيرا إلى أن حزب "تحيا تونس" ويوسف الشاهد يريدان من خلال هذا القانون إرساء تقاليد دكتاتورية جديدة.
العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة يشوبها فتور لافت منذ شهر مايو/أيار 2018، على خلفية رغبة قائد السبسي إقالة الشاهد وتعويضه بشخصية أخرى.
ويرى الكاتب بسام حمدي في هذا الصدد أن عدم موافقة رئيس الدولة على التعديلات المطروحة من الحكومة سيعمق الأزمة بين قرطاج والقصبة، وقد يدخل البلاد في أزمة سياسية تؤثر على مسار الانتخابات.
وأوضح أن الباجي قائد السبسي أراد بهذا الإجراء إغلاق كل المنافذ على رئيس الحكومة وحزبه الجديد، كما أنه بعث برسائل للرأي العام تفيد بأن دوره السياسي ما زال لم ينته بعد رغم مرضه الأخير.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg جزيرة ام اند امز