أسبوع تونس.. زلزال يعصف بالإخوان والمماطلة تعطل "الدستورية"
الخلافات التي تعصف بإخوان تونس، وبوادر تصدع حزبها، وتسببها في إفشال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية تشكل أبرز أحداث الأسبوع الماضي بتونس
استفاقت جماعة الإخوان في تونس خلال الأسبوع الماضي على زلزال عنيف يضرب صفوفها ويدمر أركانها قبل 3 أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول.
- إخوان تونس.. انقسامات تخرج للعلن وبوادر تصدع للحزب
- للمرة السادسة.. "إخوان تونس" تعطل انتخابات المحكمة الدستورية
وتتباين الآراء بين من يعتبرها خلافات عابرة تفرضها المرحلة الانتخابية، ومن يرى فيها بداية النهاية لهيكلة حزب ما زال يعمل بأدوات الماضي ويستعمل المرجعية الدينية كتجارة في صراعاته السياسية.
الزلزال حركه رئيس الإخوان راشد الغنوشي عندما رشح نفسه عن دائرة تونس العاصمة، بإقصاء قيادات رافقته سنوات السلطة منذ 2011، مثل وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي ونائبه الأول عبدالفتاح مورو وشخصيات نافذة داخل الجماعة.
وتقول الناشطة السياسية المستقلة وفاء الشاذلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الخلافات داخل الإخوان مؤشر على انطلاق العد العكسي لانهيار مشروع الإخوان في تونس المدعوم من عناصر خارجية، وهذا التصدع سيكون له انعكاسات على تركيبة المجالس الجهوية المكونة لحركة النهضة.
من جانبها قالت الروائية التونسية مايا القصوري، في تصريحات صحفية، إن الغنوشي يريد الانقلاب على مكونات حركته، وإقصاء أصدقائه من أجل الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة.
هناك من يرى من خلال هذه الزاوية أن البرلمان هو المخرج الوحيد لراشد الغنوشي، من أجل التمتع بالحصانة البرلمانية والاستفادة من عدم الملاحقة القضائية خاصة في ظل الملفات المفتوحة في القضاء التونسي حول علاقته بتسفير الشباب إلى بؤر النزاع في الشرق الأوسط وتغذية الإرهاب، الذي تسبب في اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير 2013.
كما تبين أن سقوط طموحات الغنوشي في الترشح للرئاسية في ظل انهيار شعبيته وعدم وجوده في سلم نوايا التصويت التي قامت بها كل سبر الإرهاب، يجعل منه يبحث عن مخارج أخرى على حساب أبناء حزبه.
هذا السلوك الإقصائي للغنوشي دفع عبداللطيف المكي، أحد قيادات الحركة، لكتابة رسالة وقع تسريبها لوسائل الإعلام كان عنوانها كالتالي "اتق الله يا الغنوشي".
وهي الرسالة التي يعتبرها عدد من الناشطين بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، والتي تعلن فترة المحاسبة للفريق المقرب لراشد الغنوشي، وأبرزهم صهره رفيق عبدالسلام، المتهم باختلاس منحة صينية سنة 2012 قدرها 500 مليون دولار.
إفلاس الأحزاب العقائدية
خلافات الإخوان الداخلية تمثل عنصرا جديدا في صلب المشهد السياسي التونسي، فبعد مرحلة من التماسك الظاهري طيلة السنوات الماضية بدأت عواصف الفرقة تمس حركة النهضة المرتكزة في فكرها على الأساس العقائدي.
ويقول منذر الفرشيشي، الإخصائي في علم الاجتماع السياسي، إن الأحزاب ذات المرجعية الدينية بدأت تتراجع في وزنها الشعبي، خاصة في ظل إفلاسها في الحكم في أكثر من بلد عربي.
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن ما طرأ في المطبخ الداخلي لحركة النهضة الإخوانية كان متوقعا، وسيظهر في أشكال تصعيدية في المستقبل.
الإخصائي الاجتماعي يؤكد أن الوعي الجماهيري أصبح مقتنعا بفشل هذه الأحزاب، وأن المضمون الديني الذي تريد تصديره لم يعد يؤدي وظيفته التعبوية كما في السابق.
وفي السياق نفسه، أشار إلى أن مظاهر الفشل تبرز بالخصوص في عجز أغلبية حركة النهضة البرلمانية على إرساء المحكمة الدستورية.
والمحكمة الدستورية هيئة قضائية تونسية وقع إقرارها بموجب دستور 2014، وتضم 12 عضوا، 4 منهم ينتخبهم مجلس النواب، و4 يختارهم المجلس الأعلى للقضاء، و4 يعينهم رئيس الجمهورية.
برزت أهمية المحكمة الدستورية التونسية في الفترة الأخيرة، إثر الوعكة الصحية الحادة التي تعرض لها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، باعتبارها الجهة الوحيدة المخول لها إقرار مسألة عجز الرئيس من عدمه، وفق الدستور.
وتتسبب النهضة الإخوانية في إفشال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، بالمماطلة في المصادقة على المرشحين، بهدف فرض قائمة أسمائها لإحداث فراغ دستوري.
وواصل البرلمان التونسي خلال هذا الأسبوع فشله في إرساء المحكمة الدستورية، التي تتطلب انتخاب 4 أعضاء من مجموع 12 عضوا، سيختارهم لاحقا المجلس الأعلى للقضاء ورئيس الجمهورية.
الفشل يحمله عدد من المراقبين إلى الأغلبية البرلمانية المكونة من حزب يوسف الشاهد "تحيا تونس" وحركة النهضة.
وقال الناشط السياسي اليساري عاطف بودربالة: إن الأغلبية البرلمانية خانت الأمانة الديمقراطية، ولم تؤدِّ وظيفتها بالشكل اللازم، مشيرا إلى وجود اتفاق سري بين الشاهد والغنوشي على عدم انتخاب المحكمة الدستورية.