الأمطار تتأخر على تونس.. تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي لـ12 مليون نسمة
شارف شهر أكتوبر /تشرين الأول الجاري على الانتهاء دون أن تنزل الأمطار على تونس، لتتعمق جائحة الجفاف التي يعاني منها البلد الذي يقطنه أكثر من 12 مليون نسمة.
وعانت تونس شحا في المياه وتراجعا في احتياطيات السدود، جراء التغيرات المناخية وسنوات الجفاف الماضية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار.
وقال المعهد الوطني للرصد الجوي (حكومي) في بيان له الخميس، إن شهر سبتمبر/ أيلول الماضي كان الشهر الأكثر جفافا منذ سنة 1970.
ويثير انحباس الأمطار مخاوف المزارعين في تونس من تواصل موجة الجفاف، ويخشى أصحاب حقول الحبوب الذين شرعوا خلال الآونة الأخيرة في أعمال الحرث والبذر من تكرار سيناريو العام السابق، الذي تكبدوا خلاله خسائر مالية كبيرة.
وفي تونس، تُستخدم معظم موارد مياه الشرب، أي 80 في المئة، في الري الزراعي.
موسم الحبوب مهدد
وقال فرحات العبيدي عضو لاتحاد المحلي للزراعة بتونس إن عدم تساقط الأمطار في هذه المدة لا ينذر بموسم جيد في محاصيل الحبوب.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن أغلب المزارعين انتهوا من مرحلة الحرث وهم ينتظرون تساقط الأمطار ليبدأوا في البذر، موضحا أن انطلاق عملية البذر تكون في بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني سنويا بعد ارتواء الأرض.
وأكد أنه في حال تواصل عدم تساقط الأمطار، لن يقدم المزارعون على بذر أراضيهم خوفا من الخسائر المالية.
وأشار إلى أن قطاع الزراعات الكبرى يعتبر قطاعا استراتيجيا، موضحا أن قرابة مليون ومئتي ألف هكتار مستغلّة للزراعة في البلاد، وأغلبها لزراعة القمح الصلب.
وأوضح أن تونس تعول خلال هذا الموسم لتحقيق اكتفائها الذاتي خاصة من القمح نظرا لارتفاع أسعاره في السوق الدولية.
وأكد بأنّ المساحات المبرمجة لبذر الحبوب خلال الموسم بلغت حوالي 1219 ألف هكتار مقابل 979 ألف هكتار للموسم الماضي أيّ بزيادة قدرت بـ 24.5%، وبلغت مساحة الحبوب بالمناطق السقوية 85 ألف هكتار، أيّ ما يعادل 7% من المساحات المبرمجة.
تراجع غير مسبوق
من جهة أخرى،أكّد وزير الزراعة التونسي عبد المنعم بلعاتي، أنّ الموارد المائية في تونس تشهد تراجعاً لم يتم تسجيله من قبل، إذ قدّرت نسبة تعبئة السدود بـ 24 في المئة.
وشدّد بلعاتي خلال مؤتمر صحفي الخميس الماضي "أنّه لابد من التّعامل مع الوضع بحكمة وحرفية".
ودعا الوزير، رؤساء الدوائر المائية إلى العمل على استغلال كل ما هو منبع للمياه يمكن إدخاله في منظومة مياه الشرب.
وبيّن أنّه "يقع حاليا مراجعة المقاييس المتعلّقة بالموائد الجوفية والمعتمدة في تراخيص حفر الآبار".
وتسعى تونس من خلال زيادة حجم الاستثمارات في قطاع المياه العام المقبل إلى مقاومة التحديات الجاثمة على الاقتصاد والتي فرضتها موجة الجفاف المستمرة منذ سنوات وما خلفته من قلة الأمطار.
وخصّصت الحكومة في موازنة سنة 2024، 656 مليون دينار (207.8 مليون دولار) لضخها في مشاريع جديدة، والانطلاق في تنفيذ برنامج تحويل فائض المياه إلى مناطق وسط البلاد، ومواصلة الاستفادة من المياه المعاد تدويرها في قطاع الزراعة.
وتشهد البلاد ذات المناخ شبه الجاف تراجعا كبيرا في تساقط الأمطار وشحا في الموارد المائية، وهو ما أثّر بشكل مباشر على الزراعة وخصوصا قطاع الحبوب.
ويكابد المزارعون مشقة الخروج بأخف الأضرار من تداعيات الجفاف، مما جعل هذا الموسم الأسوأ في تاريخ الفلاحة التونسية من حيث الخسائر، خاصة مع غلاء تكاليف الإنتاج ونقص مخزون السدود وانعدام حوكمة توزيع المياه وغياب دعم حكومي يراعي ظروف الفلاحين الصغار.