ديون تونس واحتياجاتها.. هل تتجه نحو أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها؟
تواجه تونس ما يمكن أن يكون أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها، حيث تعاني من ارتفاع نسب المديونية في ظل شح العملة الصعبة واحتياجها للاقتراض لتدبير سلع ضرورية.
ويرى مراقبون للمشهد الاقتصادي التونسي أن تونس عليها العمل من أجل الوفاء بتعهداتها الخارجية وسداد ديونها الدولية.
وقد أعلنت مؤخرا وزيرة المالية سهام البوغديري خلال جلسة عامة بالبرلمان بأن بلادها تمكنت من تسديد ما يقارب 42 % من جملة القروض الخارجية المطالبة بها تونس إلى نهاية السنة.
- حرب المواقع الرسمية.. اصطفاف حكومي في تونس لصد هجمة إخوانية
- أسعار الأدوات المدرسية في تونس.. قفزة صادمة تنهي أسطورة مجانية التعليم
وقال الخبير الاقتصادي التونسي عز الدين سعيدان إنه يجب على تونس خلاص الدين الخارجي، وهي مطالبة بتسديد ديون خارجية إجمالية تقدّر حسب قانون مالية 2023 بنحو 14 ألف مليون دينار ما يعادل 4.6 مليار دولار.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني أمام تحدٍّ كبير وهو كيفية خلاص هذه الديون ما يتسبب في العديد من الإشكاليات المالية.
وذكّر بآخر تقرير للمؤسسة المالية للدولة الذي أكد عدم قدرة الدولة على الوفاء بتعهداتها بخصوص سداد ديونها الخارجية بداية من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وتبلغ احتياجات تونس من الاقتراض خلال العام الجاري حوالي 25 مليار دينار (8 مليارات دولار)، وتتوزع حاجياتها بين قروض داخلية من البنوك بنحو 9.5 مليارات دينار (3 مليارات دولار)، وقروض خارجية بقيمة 14.8 مليار دينار (5 مليارات دولار)، وذلك بحسب تقرير ميزانية الدولة التونسية لسنة 2023.
وخصصت الحكومة التونسية جانبا من حاجيات الموازنة لهذا العام من القروض الخارجية لدعم ديوان الحبوب قصد توريد القمح الصلب واللين المستخدم في صناعة الخبز والعجين، كما خصصت جزءا آخر لتوريد المحروقات والأدوية وخلاص أقساط من ديونها.
لكن تراجع مخزون العملة الصعبة نتيجة شح الاقتراض الخارجي ألقى بظلاله على قدرة تونس على التزود بشكل غير متقطع بالمواد الأساسية، ما خلق اضطرابا حادا في توزيع البنزين الخالي من الرصاص أو صناعة الخبز أو توزيع السكر والقهوة، وهو ما أثر بشكل كبير على حياة الناس.
توازن حذر
من جهة أخرى، قال المحلل المالي والاقتصادي، بسام النفير إن الوضع المالي في تونس يتّسم بالتوازن الحذر حيث تسعى تونس إلى تخليص ديونها الخارجية وبصعوبة أكثر الديون الداخلية.
واستدرك قائلا: "لكن المداخيل التونسية تحسنت خاصة بنجاح الموسم السياحي في علاقة بالعملة الصعبة كما تم تسجيل تحسّن في الميزان التجاري رغم أنه يبقى ضعيفا".
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن ثلاث سنوات صعبة تنتظر تونس، ولذا يجب تحسين الإنتاج، خاصة الفوسفات ومحاولة تحسين الظروف للتونسيين بالخارج والتركيز على السياحة والاستثمار في الطاقة.
وأشار إلى أن تونس يجب أن تتوصل لاتفاق نهائي للقرض من صندوق النقد الدولي المقدر بقيمة 1.9 مليار دولار من أجل التمكن من صياغة قانون المالية لسنة 2024.
وتتوقع تونس خلال عام 2023 تعبئة مداخيل قياسية من تحويلات المغتربين قد تفوق 3.9 مليار دولار، إذ يواصل أكثر من مليون ونصف مليون تونسي في المهجر دعم اقتصاد بلادهم، مع ارتفاع التحويلات إلى 1.2 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، وفق بيانات البنك المركزي.