اقتصاد تونس بين سندان شروط الصندوق ومطرقة الحاجة للقرض
تواصل السلطات التونسية بحثها عن حلول للخروج من أزمتها الاقتصادية خاصة في ظل عدم التوصل للآن مع صندوق النقد على اتفاق قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
وفي ظل هذه المحاولات، التقى محافظ البنك المركزي التونسي فتحي النوري ووزيرة المالية التونسية سهام البوغديري بنائب وزير الخزانة الأمريكية إريك ماير الذي يزور تونس منذ يوم الثلاثاء.
وتطرق محافظ البنك المركزي التونسي فتحي النوري إلى علاقات الدولة التونسية مع المؤسسات المالية الدولية ومنها صندوق النقد الدولي، حيث ذكّر محافظ البنك المركزي بمتانة العلاقات التي تجمع الطرفين، وذلك على الرّغم من تعطل المفاوضات منذ سنة 2020 بخصوص إبرام برنامج تمويل جديد.
وأكد أهمية مراعاة الصندوق لخصوصيات كل دولة وخاصة الجانب الاجتماعي، نظرا لأنّ الدول التي تسعى للاقتراض هي في الواقع تبحث عن التمويل المفيد والموجه للتنمية.
- تفاصيل أول رحلة قطار بين تونس والجزائر.. عودة بعد 20 عاما من التوقف
- تونس سعيدة بمحصول متواضع من الحبوب.. موسم أقل قسوة
وقد أكد النوري خلال اللقاء، إيفاء تونس بتعهداتها المالية إزاء مختلف المانحين، والعلاقات الجيدة والمتينة للبلاد مع كافة الأطراف والجهات المانحة.
كما أشار إلى التعافي التدريجي الذي يشهده الاقتصاد التونسي على خلفية المناخ الوطني المتسم بالاستقرار السياسي والاجتماعي، وفق بيان للبنك المركزي التونسي.
فيما أكدت وزيرة المالية، سهام البوغديري، خلال لقائها نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكية، إيريك ماير، عزم تونس على العمل تدريجيا لاحتواء الضغوطات المسلطة على المالية العمومية وتحسين الوضعية الاقتصادية.
وشددت على إصرار تونس تنفيذ عديد الإصلاحات ومقاومة الفساد وإرساء نظام جبائي عادل من خلال توسيع قاعدة الأداء وإدماج الاقتصاد الموازي لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والمالي إضافة إلى دفع الاستثمار وتعزيز الدور الاجتماعي للدولة خاصة في مجال الإحاطة بالفئات الهشّة ومحدودة الدّخل.
وبيّنت، وفق يان لوزارة المالية، أنّ سياسة التعويل على الذّات هي خيار وطني تسعى تونس من خلاله إلى تكريس السيادة الوطنية والحدّ من عجز الميزانيّة والتقليص في حجم الاقتراض الدولي وإلى استعادة قدرتها على تحقيق انتعاشة اقتصاديّة مرتقبة واستعادة القطاعات الإنتاجية لحيويتها في الفترة القادمة.
ويرى خبراء الاقتصاد بأن تونس تعمل على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها من قبل صندوق النقد الدولي لكن في ذات الوقت ترفض جانبا منها وتعتبرها إملاءات.
ويعتقد مراد الحمزاوي أستاذ الاقتصاد التونسي أن تونس تحاول من خلال هذه الزيارة إيصال صوتها سياسيا لإعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، موضحا أن التوجه السليم الذي يخدم تونس حاليا هو إعادة صياغة برنامج جديد بمعطيات جديدة من أجل إعادة التفاوض مع هذا الصندوق.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أنه يجب أن يحدد البرنامج الجديد طبيعة الوضعية الاجتماعية للبلاد والشعب التونسي كي لا تحسب الإصلاحات التي يطلبها الصندوق إملاءات.
وأشار إلى أن "تونس تحتاج كثيرا إلى هذا القرض لا لقيمته المالية فقط بل لأنه يساعدها على الخروج إلى الساحة المالية الدولية والنفاذ إلى التمويلات في إطار الاتفاقات الثنائية، خاصة، وأن دولا تشترط، تحت هذا البند، ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الصندوق".
وأوضح أن "تونس موجودة رسميا ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد وليس هناك جدولة رسمية بينه وبين تونس حتى الآن".
وترفض تونس الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي، وتعتبرها إملاءات من شأنها أن تهدد السلم الأهلي في البلاد خاصة وأن تونس احتفت هذه السنة بمرور 40 سنة على أحداث الخبز التي اندلعت بسبب شروط كانت قد فرضها الصندوق على الحكومة التونسية التي كان يرأسها محمد المزالي في 3 يناير/كانون الثاني 1984 والتي أسفرت عن سقوط 89 قتيلاً والمئات من الجرحى في صفوف المتظاهرين.
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن “الدولة التونسية لن تتخلى عن دورها الاجتماعي، لأن الفقراء والبؤساء في تونس هم الذين قاموا بالثورة وانتفضوا ضد الظلم والاستبداد”. ويشترط صندوق النقد الدولي على تونس مقابل منحها القرض، إصلاحات تتمثل في خفض الدعم وتقليص تكلفة الأجور العامة وخصخصة المؤسسات الحكومية التي تعاني أزمات مالية.
وجدير بالذكر، أن المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويل جديد في إطار آلية تسهيل الصندوق الممدد ما زالت عالقة لأكثر من سنتين. وكان صندوق النقد والسلطات التونسيّة قد توصلا في أكتوبر/تشرين الأول 2022 لاتفاق على مستوى الخبراء لدعم السياسات الاقتصادية لتونس ببرنامج يمتد على 48 شهراً بعنوان آلية تسهيل الصندوق الممدد بقيمة تناهز 1.9 مليار دولار، لكن لم يُعرض ملف تونس على مجلس إدارة الصندوق منذ ذلك التاريخ.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yNiA= جزيرة ام اند امز