انتخابات تونس.. ملامح البرلمان المقبل وصلاحيات النواب
يقترع التونسيون يوم غد السبت لاختيار نوابهم في البرلمان، في انتخابات مبكرة بعد حل المجلس التشريعي الذي هيمن عليه تنظيم الإخوان.
وتغيب حركة النهضة الإخوانية عن الاقتراع المقرر، فيما تتعملق عزلتها في الشارع التونسي، وتحاصر قياداتها ملاحقات قضائية في اتهامات إرهابية.
ويتزامن موعد انطلاق الاقتراع مع الذكرى الـ12 لاندلاع الثورة التونسية، والانتخابات المقررة هي الخطوة الأخيرة، في مسار خارطة الطريق التي دشنه الرئيس التونسي العام الماضي، للخروج من المرحلة الاستثناء.
ويتنافس ألف و58 مترشحا على 161 مقعدا بمجلس النواب، في 161 دائرة انتخابية، بينهم 120 امرأة فقط.
القانون الانتخابي
في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر الرئيس سعيد القانون الانتخابي الجديد الذي يعوض قانون الإخوان الذي وضع لتكريس هيمنتهم على المجلس التشريعي منذ عام 2014، وفق مراقبين.
ويقلص القانون الجديد العدد الإجمالي لمقاعد البرلمان إلى 161 مقعدا (كان عددها 217)، منها 151 بالداخل، و10 مقاعد للدوائر الانتخابية في الخارج.
ووفق القانون ذاته، فإن التصويت في الانتخابات التشريعية سيكون على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد، وليس على القوائم مثلما كان معهودا.
كما أنه "إذا تقدم إلى الانتخابات مترشح واحد في الدائرة الانتخابية فإنه يصرح بفوزه منذ الدور الأول مهما كان عدد الأصوات التي تحصّل عليها".
وأفضى هذا الخيار، إلى فوز 10 مرشحين بمقاعد في البرلمان دون حاجتهم إلى القيام بحملة انتخابية، بسبب ترشحهم بمفردهم بدوائرهم الانتخابية.
وقال التليلي المنصري، المتحدث الرسمي باسم هيئة الانتخابات التونسية في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الهيئة أقرت بأن 10 دوائر في الداخل لم يتقدم فيها سوى مرشح واحد، ما يعني فوزه آليا.
وأكد أنه جاء في القانون أيضا أنه "إذا تحصّل أحد المترشحين في الدائرة الانتخابية الواحدة على الأغلبية المطلقة من الأصوات في الدور الأول، فإنّه يصرح بفوزه بالمقعد".
ويتم المرور إلى الدور الثاني إذا لم يحصل أي مرشح في الدور الأول على الأغلبية المطلقة (50 بالمئة + 1)، وفي هذه الحالة يكون الدور الثاني بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر نسبتين من الأصوات من الدور الأوّل، شرط إجراء الدور الثاني في أجل لا يتجاوز أسبوعين من تاريخ الإعلان عن النتائج.
كما كشف المنصري أن الإعلان عن النتائج الأوّليّة للدورة الأولى للانتخابات التشريعيّة، سيكون على أقصى تقدير يوم 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، على اعتبار أنّ القانون يمنح الهيئة 3 أيّام للإعلان عنها.
وتابع أنه سيكون الإعلان عن النتائج النهائيّة للدورة الأولى، يوم 19 يناير/كانون الثاني 2023، لتنطلق مباشرة الحملة الانتخابيّة للدورة الثانيّة، أيّ يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، مضيفا أنه من المنتظر أن يتمّ الإعلان عن نتائج الدورة الثانيّة يوم 3 مارس/آذار 2023.
ملامح البرلمان القادم
وجاء مرسوم سعيّد الانتخابي بعد مرور 14 شهراً على تفعيل الرئيس التونسي المادة 80 من دستور 2014، التي تمنح رئيس الجمهورية صلاحية اتخاذ تدابير استثنائية، أقال من خلالها حكومة هشام المشيشي، وجمّد عمل برلمان الإخوان في 25 يوليو/تموز 2021.
وتعديلات المرسوم الانتخابي الجديد، تحدد مصير البرلمان المقبل وتشكل ملامحه وتوضح صلاحيات نوابه.
ولا يتمتع الفائزون في هذه الانتخابات بالحصانة، مثل سابقيهم، لأن القانون الجديد ألغى الحصانة القانونية، ومنح المواطن حق سحب الثقة من المرشح في حال تقاعسه عن أداء مهامه.
ويمكّن القانون الانتخابي من سحب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية "في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح.
واشترط القانون "تقديم عريضة سحب الوكالة معلّلة وموقعة من قبل 10 ناخبين مسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح فيها النائب المعني، وذلك إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة.
كما لا يمكن تقديم عريضة سحب الوكالة من نائب إلا مرة واحدة طيلة المدة النيابية.
من جهة أخرى منع القانون الجديد المرشحين من حاملي جنسية أخرى بالإضافة إلى الجنسية التونسية من الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب فيما يخص الدوائر الانتخابية في الداخل، ولقي هذا الشرط استحساناً لدى التونسيين.
واشترط القانون الانتخابي أن يقدم المرشحون خلال طلب الترشح للانتخابات وثيقة تفيد بالخلو من السوابق العدلية في الجرائم القصدية أو وصل الاستلام على أن تتولّى هيئة الانتخابات في هذه الحالة التثبت من خلو البطاقة من السوابق العدلية المشار إليها.
كما يشترط المرسوم الانتخابي خلاص الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين وشهادة إبراء الذّمة من الأداءات البلدية.
ولم تكن هذه الشروط موجودة في القانون الانتخابي السابق، ما أفضى إلى ترشح أشخاص حاملي سوابق عدلية إلى البرلمانات السابقة.
ونصّ القانون الجديد على تنظيم انتخابات جزئية لتعويض النواب المتوفين أو العاجزين بشكل تام. وبالنسبة للمرشحين المتوفين أو المصابين بعجز تامّ خلال الدورة الأولى أو دورة الإعادة، فإنه تتم إعادة فتح باب الترشح في الدائرة المعنية وتحديد المواعيد الانتخابية من جديد.
وكان القانون السابق ينص على تعويض المرشح من القائمة التكميلية.
صلاحيات النواب
ويمنح دستور تونس الجديد الذي تم تمريره بعد استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/تموز الماضي، سلطات أكبر لرئيس الجمهورية خلافا لدستور الإخوان، الذي يتقاسم فيه الرئيس السلطات مع البرلمان، ما أعاد إرساء النظام الجمهوري الذي كان قائما قبل 2011، الذي يضمن سلطات أوسع للرئيس مع دور أقل للبرلمان.
ومواد الدستور الجديد قلصت صلاحيات نواب البرلمان مقارنة بما كانوا يتمتعون به في دستور 2014، ما جعل برلمان الإخوان مكانا تباع وتشترى فيه الأصوات خدمة لمصالح من يدفع أكثر.
وسبق أن قال قيس سعيد إن هناك لصوصا داخل البرلمان الذي قام بحله يعبثون بمقدرات الدولة وحق الشعب في الحرية والحفاظ على الحقوق والحريات.
ووفق المادة 115، لا يمكن للبرلمان إقالة الحكومة أو حجب الثقة عنها في التصويت إلا بتأييد ثلثي النواب (تتم بتأييد النصف زائد واحد في دستور 2014).
أما المادة 116 من مشروع الدستور الجديد فتشير إلى أنه وفي صورة إجراء تصويت ثانٍ لحجب الثقة عن الحكومة خلال نفس الدورة البرلمانية، يبقى للرئيس قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
وتشير المادة 66 إلى أن "النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية بالنسبة إلى جرائم القذف والسب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضا في صورة تعطيله للسير العادي لأعمال المجلس.
وتمنح المادة 68 الرئيس الحق في طرح مشروعات القوانين على البرلمان، وهو من يقدم مشروعات قوانين الموافقة على المعاهدات ومشروعات القوانين المالية.
وبجانب البرلمان، جاء المشروع الجديد للدستور بغرفة برلمانية ثانية هي "المجلس الوطني للجهات والأقاليم"، دون ذكر تفاصيل واضحة عن مهامه أو طريقة انتخابه والصلاحيات التي سيتمتع بها.
وبحسب المادة 109 "لرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس نواب الشعب (البرلمان) والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما، ويدعو إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها".
الإخوان خارج اللعبة
وقال المحلل السياسي التونسي عبدالمجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي، إن إخوان تونس لم يعد لهم مكان في البرلمان الجديد قائلا: "غدا ستكتب نهاية هذا الكيان السرطاني الذي تغلغل في البلاد منذ سنة 2011 وكان يعتبر البرلمان حلبة لتقاسم الغنائم".
وعبر عن خشيته من أن يقوم إخوان تونس بالتقرب من النواب الجدد بنية شراء ذممهم كمحاولة للوصول إلى البرلمان".
وأشار إلى أن المحطة الانتخابية القادمة ستقطع مع أساليب انتهازية التي كانت تسيطر على تونس ما قبل 2011، التي سيطر عليها الإخوان مع الأحزاب الفاسدة.
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز