من الباي للبوعزيزي.. برلمان تونس في سطور
في "قصر باردو" تسكن روح تونسية برمزية مكانها وعبق تاريخها، حيث ينتصب البرلمان في مكان تفوح منه رائحة حضارات تعاقبت على هذا البلد.
ومع انطلاق الانتخابات في تونس، غدا السبت، تتزاحم محركات البحث في تاريخ الحياة البرلمانية لهذا البلد، ومؤسسته التشريعية، وهو ما تستعرضه "العين الإخبارية" في السطور التالية.
أصل التسمية
مجلس الأمة.. هكذا كانت التسمية الأولى لمجلس نواب الشعب، حيث كان أول مؤسسة تشريعية للبلاد وُلدت من رحم المجلس القومي التأسيسي الذي أعلن النظام الجمهوري وأصدر أول دستور للجمهورية التونسية بعد الاستقلال عام 1956.
وانبثقت عن ذلك المجلس أول انتخابات تشريعية ورئاسية يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1959، وانتخب وقتها الحبيب بورقيبة رئيسا للبلاد، فيما فازت قائمة الوحدة القومية في الانتخابات التشريعية.
المقر
في ضاحية باردو الشهيرة غربي العاصمة تونس، يقع مقر مجلس نواب الشعب في "قصر باردو" الذي شُيد في القرن الـ16 وكان مقر إقامة "البايات" الذين حكموا البلاد قبل استقلالها عام 1959.
تركيبة ومدة ونظام المجلس
يتكون البرلمان الجديد من 161 نائبا يتم اختيارهم في السباق الحالي من بين ألف و58 مرشحا في 154 دائرة انتخابية، بينهم 120 امرأة.
ويحل المجلس الذي سينبثق من انتخابات الغد، محل البرلمان الذي جمده الرئيس التونسي قيس سعيد في يوليو/تموز 2021.
وبموجب دستور 2022 يتشكل "مجلس ولايات أو أقاليم" جديد ليكون غرفة ثانية في البرلمان الذي يُنتخب لمدة خمس سنوات.
أما رئيسه فيتم انتخابه بأغلبية مطلقة من النواب، وفي حال عدم الحصول على هذه الأغلبية يجرى اقتراع ثان بين المترشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات في الاقتراع الأول.
ولكل سبعة أعضاء أو أكثر الحق في تشكيل كتلة نيابية، ولا يجوز لنفس الحزب أو الائتلاف أكثر من كتلة.
المهام
في دستور الإخوان الذي انتهى العمل به، يمكن له تكوين لجان تحقيق، وتقديم مقترحات قوانين، والمصادقة على مشاريع القوانين والمعاهدات، وتنظيم الحياة العامة في الدولة، إضافة إلى المصادقة على الحكومة وأعضائها، وعلى قانون المالية والميزانية، وكذلك رفع الحصانة على أحد النواب.
وبقيت تلك المهام في الدستور الجديد الذي أقرته البلاد بعد استفتاء 25 يوليو/تموز الماضي، مع إلغاء صفته كـ"سلطة تشريعية" واعتباره وظيفة تشريعية يقتسمها مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم المُستحدثة وبإشراف من رئيس الجمهورية.
مسيرة البرلمان
ولتأريخ مسيرة برلمان تونس، يعود إنشاء أول مؤسسة تشريعية إلى منتصف القرن الـ19، حين أسس محمد الصادق باي "المجلس الأكبر" الذي ضم 60 شخصية.
بيْد أن تلك المؤسسة لم تعمر طويلا حيث تم حلها بعد ثورة علي بن غذاهم.
قبل الاستقلال وتحديدا في عام 1922 تأسس مجلس برلماني يتوزع أعضاؤه من قسمين: واحد تونسي والآخر فرنسي.
بعد استقلال البلاد عام 1956، أنشئ المجلس القومي التأسيسي الذي أعلن النظام الجمهوري وأصدر أول دستور للجمهورية التونسية.
وفي عام 1959 تم تأسيس مجلس الأمة الذي بقي المجلس الوحيد للسلطة التشريعية حتى 2002، وهو التاريخ الذي بُعثت فيه الغرفة الثانية (مجلس المستشارين الذي سيحل محله في البرلمان الجديد مجلس الولايات أو الأقاليم).
وفي عام 2011، شهد البرلمان مرحلة جديدة بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، حيث سيطرت حركة النهضة الإخوانية على المؤسسة التشريعية مدشنة لعشرية سوداء كانت باكورتها دستورا جديدا للبلاد، والانتهاء من أعمال المجلس الوطني التأسيسي
حل المجلس
منذ تأسيسه اختبر مجلس نواب الشعب طريق الحل في ثلاث مناسبات، الأولى عام 1981، حين أصدر بورقيبة قرارا دستوريا يقضي بحل المجلس المنتخب في 1979.
قرارٌ بُنيت حيثياته على أزمات عاشتها تونس آنذاك، تمثلت فيما قيل إنها "محاولة زعزعة البلاد" عام 1980، إلى جانب صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
فيما جاءت المناسبة الثانية عام 1989، بقرار من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وذلك بعد عامين على توليه الحكم.
أما الثالثة فكانت من نصيب الرئيس قيس سعيد، في مارس/آذار 2022، في خطوة أعقبت إجراءات استثنائية اتخذها الرجل في 25 يوليو/تموز 2021، شهدت البلاد بموجبها استفتاء على الدستور، قبل انطلاق صافرة سباق تشريعي جديد.
سباقٌ يتزامن مع ذكرى إحراق محمد البوعزيزي نفسه في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول 2010، موقدا شرارة التغيير.. فهل سيحرق فتيل الغضب الشعبي رداء الإخوان الذي فصلته النهضة على مقاس جسد اختنق منه طيلة عشر سنوات؟
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز