فتح التوظيف العمومي في تونس.. قرار رئاسي تاريخي أم مخاطرة مالية؟

بعد 7 سنوات من التجميد، تونس تُعلن فتح باب التوظيف بالقطاع العام لمواجهة البطالة المتصاعدة.. قرار رئاسي يثير جدلًا بين دعم التشغيل وارتفاع الإنفاق. فهل يحقق التوازن المنشود؟
تتجه تونس نحو إعادة فتح باب التوظيف في القطاع العام بعد فترة تجميد استمرت لأكثر من سبع سنوات، وذلك لامتصاص البطالة وتعزيز القطاع الحكومي وتلبية احتياجات المواطنين.
وطالب الرئيس قيس سعيد الحكومة بفتح باب التوظيف في القطاع العام الوظيفة العمومية، المعطل منذ 2017 بسبب أزمة المالية العمومية.
ودعا الرئيس التونسي قيس سعيد رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري إلى "إيجاد تصوّرات جديدة لتمويل الميزانية مع فتح باب الانتدابات (التوظيف) من جديد في عديد القطاعات"، وذلك في بيان أصدرته الرئاسة التونسية أمس الثلاثاء.
- الأدوية الجنيسة.. رهان تونس لتوفير علاج فعّال وبأسعار معقولة
- عاصمة الفستق التونسي.. موسم استثنائي للذهب الأخضر في «ماجل بلعباس»
وأوضح سعيد أنّه "آن الأوان لتسوية العديد من الوضعيات النّاجمة عن سياسات إقصائيّة أدّت إلى أوضاع لم يعد من المقبول أن تستمرّ".
ويرى خبراء الاقتصاد في تونس أن فتح باب التوظيف في القطاع الحكومي يهدف للتقليص في نسبة البطالة المتفاقمة وللاستجابة لمطالب المحتجين.
وتجمدت عملية التوظيف في الوظائف العمومية التونسية منذ عام 2017، عندما قامت حكومة يوسف الشاهد بفرض هذا التجميد بهدف السيطرة على الأجور العامة والحد من الإنفاق الحكومي. منذ ذلك الحين، تداولت الحكومات التونسية المتعاقبة على تثبيت هذا القرار، مما أدى إلى تجميد التوظيف في القطاع العام لمدة تزيد على سبع سنوات.
التقليص من البطالة
وقال الخبير الاقتصادي التونسي هيثم حواص لـ"العين الإخبارية" إن قرار الرئيس قيس سعيد بفتح باب الانتدابات يهدف للتقليص من حجم البطالة لكنه في نفس الوقت سيرفّع من حجم الإنفاق الحكومي.
وأفاد بأن نصف العاطلين عن العمل في تونس هم من حاملي الشهادات العليا، مبينا أن العدد ارتفع شيئا فشيئا طيلة السنوات الماضية.
وأكد أن عدم استغلال الموارد البشرية والكفاءات في الاقتصاد غير مقبول، وهو ما يستدعي إيجاد حلول اقتصادية لهذه الظاهرة.
وأفاد بأن "التشغيل هو حق دستوري لجميع التونسيين، ولا يمكن لأي جيل أن يحتكر الوظيفة الحكومية على حساب الأجيال الأخرى".
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي التونسي علي الصنهاجي إن البلاد تشغل 800 ألف موظف في القطاع الحكومي بحجم إجمالي للرواتب يصل إلى ما يزيد عن 630 مليون دولار شهريا، ما يجعل الدولة في بحث دائم عن كيفية تسديد هذه النفقات في ظل ضعف الإمكانيات المالية.
وأكد الصنهاجي لـ"العين الإخبارية" أن كتلة الأجور في تونس وصلت إلى مستويات مرتفعة حيث تبلغ ما يفوق 13% من الناتج الداخلي الخام.
وأشار الصنهاجي إلى أن" أي انتدابات جديدة ستزيد في تفاقم الأزمة ".
وأفاد بأن السياسة التي يجب أن تعتمدها الحكومة هي التخفيض في عدد الموظفين وتحسين الأجور وتحسين منظومة التشغيل، مضيفا أن القطاع الخاص يجب أن يتحمل مسؤوليته في تونس لتوظيف العاطلين عن العمل.
وتبلغ نسبة البطالة، وفق آخر تحديث، 15.7% وترتفع في صفوف الشباب ما بين 15 و24 عاما إلى 37.7 % بينما تصل إلى 23.5% في صفوف حاملي الشهادات العليا.
ويقدر عدد العاطلين الذين تجاوزت مدة بطالتهم 10 أعوام بنحو 60 ألف شخص، وهو ما يمثل 11% من مجموع العاطلين في البلد.
وتعهدت الحكومة في وقت سابق الشهر الجاري بفتح الباب أمام التوظيف. وقال وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شود، إن موازنة 2025 تتضمن نحو 20 ألف فرصة عمل. وقدرت وزارة التربية النقص في قطاع التعليم وحده بأكثر من 10 آلاف مدرس.