غابات تونس بين لهيب الصيف.. حريق جديد يقرع جرس الإنذار في بنزرت (خاص)

مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تتزايد المخاوف في تونس من تصاعد موجة حرائق الغابات، ما دفع أجهزة الحماية إلى تكثيف جهودها الوقائية، تحسبًا لأي طارئ.
أطلق الدفاع المدني حملات توعية وتحذير واسعة، داعيًا المواطنين إلى الالتزام بالتدابير الوقائية وتجنب إشعال النيران في المناطق المجاورة للغابات والأراضي الزراعية، مع تعزيز نقاط المراقبة والرصد لضمان التدخل السريع.
ورغم هذه الجهود، شهدت محافظة بنزرت شمالي تونس، اليوم الأحد، اندلاع حريق ضخم داخل منتزه غابة الرمال بمنطقة منزل جميل. وقد هرعت فرق الإطفاء إلى الموقع، وتم توجيه شاحنات إطفاء نجحت في السيطرة على ألسنة اللهب بعد أكثر من ساعة من العمل، تلتها عملية تبريد دقيقة للموقع، وفق ما أفادت به مصادر من الدفاع المدني لـ"العين الإخبارية".
الحريق خلف أضرارًا مادية، بعدما التهم مساحة من الغطاء الغابي، في حين تم فتح تحقيق لتحديد الأسباب الفعلية وراء اندلاعه.
من جانبه، أوضح كارم سعد، رئيس مصلحة حماية الغابات بالإدارة العامة للغابات، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن توعية المواطنين، وخاصة سكان الغابات، تُعد جزءًا أساسيًا من استراتيجية الإدارة العامة للغابات للحد من اشتعال الحرائق.
وأشار إلى أن الكثير من الحرائق تعود إلى غياب الالتزام بإجراءات السلامة، خاصة خلال موسم الحصاد، حيث يتسبب سوء استعمال الآليات في انتقال النيران من المزارع إلى الغابات. كما نبه إلى أن الإهمال البشري، مثل إشعال النيران أو الإلقاء العشوائي للأعقاب، يضاعف من احتمالات اندلاع الحرائق، مشيرًا إلى تسجيل ارتفاع في عدد الحرائق بواقع 270 حريقًا مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.
وشدد سعد على أن الغابات تُعد "كنزًا يتجدد ببطء"، غير أنها قد تُفقد في لحظات، مؤكدًا على ضرورة صون التنوع البيولوجي الذي تحتضنه.
وبحسب بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تغطي الغابات نحو 34% من مساحة تونس البالغة 163,610 كيلومترات مربعة، وتتركز معظمها في الشمال الغربي والوسط الغربي، حيث يقطن نحو مليون نسمة. وتُقدر القيمة الاقتصادية لهذه الغابات بنحو 932 مليون دينار تونسي (ما يعادل 310 ملايين دولار أميركي).
ويستحضر التونسيون صيف 2022، حين اندلع حريق هائل في منطقة "بو قرنين" القريبة من العاصمة، أتى على 533 هكتارًا من غابات الصنوبر الحلبي، واستغرقت السيطرة عليه ثلاثة أيام متواصلة.
بين حرارة المناخ وتقاعس البشر، يبقى الغطاء الغابي في تونس وثروتها الزراعية في مهب النيران، وهو ما يستدعي يقظة جماعية واستجابة ميدانية تضمن بقاء الغابة نبضًا أخضر لا رمادًا في مهب الصيف.