سيناريو إسقاط الإخوان بدأ يتكرر في تونس وبدأ الشعب يردد شعاراته التي منها "يسقط يسقط حكم المرشد"
تعيش تونس وضعا شعبيا وبرلمانيا مرتبكا يسوده الخوف والحذر من القادم بعد تردي الأوضاع الداخلية، ووصول الاحتلال التركي للعاصمة الليبية والتمدد غربا نحو الحدود التونسية في ظل محاولات إخوانية لتتريك الوطن.
والانتفاضة البرلمانية اللافتة، وتلك المحاكمة والمواجهة العلنية بحق رئيس البرلمان من قبل نواب وطنيين قرروا وضع مصلحة بلادهم في المقام الأول، متعهدين بإزاحة هيمنة دعاة الفكر الأيديولوجي الإخواني من تونس، وحل مجلس النواب والهيئات واللجان المنبثقة عنه والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وتشكيل لجنة تدقيق في أموال الأحزاب السياسية وعلى رأسها حركة النهضة، وتجميد أرصدتها، وتشكيل مجلس وطني للإنقاذ تحت إشراف رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة مصغرة لتصريف الأعمال بالإضافة إلى الدعوة لاستفتاء على النظام السياسي وتنقيح القانون الانتخابي ودعوة التونسيين إلى هبة شعبية والنزول إلى الشارع لعرض هذه المطالب والسعي إلى تحقيقها.
يقابل كل ذلك تمسك حزبي بالسلطة مع استمرار الخطابات التهديدية والتدميرية، ووصف كل المعارضين "بالدواعش أو اللبراليين"، ما يؤكد أن حركة النهضة لا تؤمن بالحوار إنما بالذي يحقق مطالبها، ويجعلها تتمسك بآيدلوجيتها وانتمائها حتى لو تعارضا مع المصالح الوطنية، مع إصرار عجيب لدى الإخوان على تخريب البلد عن طريق نشر البؤس وتحويله إلى دولة فاشلة.
كل ما في الأمر أنّ الإخوان بدؤوا يحصدون ثمار ما زرعوه في السنوات الماضية على طريق تحويل المجتمع التونسي إلى مجتمع متخلّف وذلك كي تسهل سيطرتهم عليه.
ما يمكن ملاحظته منذ عام 2011 (تاريخ انتهاء عهد بن علي) وصولا إلى تولّي الغنوشي ظن زعيم حركة النهضة زمام الأمور، أن تونس تشكل جزء لا يتجزّأ من مراكز اهتمام التنظيم العالمي للإخوان، وأنّ تونس تتغيّر نحو الأسوأ، وأن كلّ ما في تونس يسير إلى الخلف، خصوصا المجتمع الذي يتضاءل فيه حجم الطبقة المتوسّطة ويزداد التطرّف الديني بطريقة أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها تسيء إلى روح التسامح والاعتدال التي تميّز الدين الحنيف الذي يدعو إلى الرحمة والابتعاد عن كلّ ما له علاقة بالتطرّف.
يبدو لي أن كل ما في الأمر أنّ الإخوان بدؤوا يحصدون ثمار ما زرعوه في السنوات الماضية على طريق تحويل المجتمع التونسي إلى مجتمع متخلّف وذلك كي تسهل سيطرتهم عليه؛ لأن كلّ ما فعلوه منذ هيمنتهم على السلطة، يصبّ في سياق ترهّل الدولة التونسية ومؤسساتها، التي من ضمنها مؤسسة الجيش، التي احترمت رغبة الشعب التونسي في التغيير من خلال “ثورة الياسمين” التي افتتح بها الخريف العربي.
واليوم يبدو أن السيناريو بدأ يتكرر في تونس وبدأ الشعب يردد شعاراته التي منها "يسقط يسقط حكم المرشد" وبدأت الأصوات تعلو ضد الغنوشي وحركة النهضة، لكن هل تنفع كل هذه التحركات الشعبية والبرلمانية لعزل الغنوشي؟ وهي التي يبدو أنها معدودة في ظل رفض أعداد كبيرة من القيادات التاريخية أو ما يعرفون بالحرس القديم بقاءه لدورة جديدة في قيادة الحركة، لكونه أنهى المدتين النيابيتين اللتين وفرهما له المؤتمر التاسع، ولم يعد له الحق قانونيا في الترشح خاصة أنه ظل في منصبه لمدة تقارب نصف قرن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة