خبراء: إخوان تونس يقدمون الحبيب الجملي قربانا "للعبث السياسي"
حكومة الجملي تعيش حالة من الغرق يوما بعد يوم مع قرب الآجال الدستورية (60 يوما) وكثرة الاختلافات بين القوى السياسية
نهائيا وبشكل متزامن بين الحزبين تنتهي أحلام حركة النهضة الإخوانية في استدراج حركتي الشعب القومية والتيار الديمقراطي في المشاركة في حكومة الحبيب الجملي القادمة.
ومع نهاية هذا الاستدراج تعيش حكومة الجملي المفترضة حالة من الغرق يوما بعد يوم، مع قرب الآجال الدستورية (60 يوما).
فالجملي، الذي انطلق في المشاورات منذ 3 أسابيع مع الأحزاب السياسية، يعجز إلى حد الآن عن رسم الهندسة الضرورية للبيت الحكومي، أو حتى التوصل إلى توافقات ممكنة مع الأحزاب.
ويقول الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو (21 نائبا) إن حزبه حسم نهائيا في مسألة الانضمام للحكومة، ولن يكون ضمن تشكيلة الحبيب الجملي المرتقبة.
وأضاف عبو، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن موقفه السياسي الرافض للدخول للحكومة انبنى على مبدأ أساسي، وهو الإجابة على رفض الجملي منح التيار الديمقراطي الخطط الوزارية التي تجعله قادرا على مكافحة الفساد ومقاومة اللوبيات الفاسدة التي تعمل ضد مصلحة البلاد.
واشترط حزب التيار الديمقراطي منذ انطلاق المشاورات الحكومية الحصول على وزارات الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، كشرط أساسي للمشاركة في الحكومة.
وبيّن أن رئيس الحكومة المكلف (الحبيب الجملي) لا يمثل خطابه ضمانة لمحاربة الفساد، باعتباره شخصية غير مستقلة عن التأثيرات الحزبية أو السياسية في تونس، مؤكدا أن تغيير المناخ العام لتونس يستوجب رفع حركة النهضة يدها عن وزارتي الداخلية والعدل.
وتواجه حركة إخوان تونس اتهامات من قبل العديد من التيارات السياسية باستغلال الوزارتين لمراكمة الثروة، والصمت على التجاوزات التي تربط حركة النهضة بالأطراف الخارجية على المستوى الإقليمي، خاصة منها نظام أردوغان في تركيا والأموال التي تتلقاها من الأنظمة الإخوانية.
من جانبه، أكد مصطفى بن أحمد رئيس كتلة "تحيا تونس" (14 نائبا) أن حركته لن تشارك في حكومة الحبيب الجملي، معتبرا أن المناخ العام لتشكيل الحكومة لا يشجع حركة "تحيا تونس" للانضمام إلى صفوفها.
وبيّن في تصريحات إعلامية أن حزبه لن يصوت لفائدة حكومة الحبيب الجملي خلال عرضها على البرلمان التونسي، مجددا تمسك حركة "تحيا تونس" التي يترأسها رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد البقاء في المعارضة.
وإضافة إلى هذه الإعلانات الصريحة للتموقع في المعارضة، والتي قد يصل عدد نواب المعارضة فيها إلى 150 نائبا على اختلاف ألوانهم، تتخبط حركة النهضة في أزمة شرعية ودستورية، قد يكون فيها الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة حلا ممكنا حسب عديد الخبراء.
وأمام عجزها عن مجاراة نسق الأحداث وتقلص حجم تأثيرها في إقناع مختلف مكونات المشهد السياسي في تونس للدخول معها في الحكومة المقبلة، يقول أنيس الساعي، الباحث في العلوم السياسية في كلية الحقوق في تونس، إن حركة النهضة تدفع برئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي كقربان لعجزها عن تحقيق التوافق حولها، وكقربان للعبث السياسي في تونس الذي انطلق بشكل فعلي منذ سنة 2011.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة الإخوانية أصبحت تمثل لدى العديد من الأحزاب السياسية مثل "السرطان القاتل"، الذي يجب الابتعاد عنه، لأنه لا يمثل عنصرا للبناء السياسي ولا كيانا فكريا جامعا، حتى أن كل الأحزاب التي تحالفت معه انتهت إلى قوى ضعيفة على غرار حزب نداء تونس وحزب التكتل وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية.
وفي السياق نفسه، تؤكد مصادر مقربة من الحبيب الجملي لـ"العين الإخبارية" بأن رئيس الحكومة المكلف غير مرتاح للضغوط الإخوانية بخصوص الحكومة المقبلة، وأنه يفكر في الانسحاب من قرار التكليف، خاصة أنه فقد ثقة حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية.
وتبيّن ذات المصادر بأن الحبيب الجملي سيتوجه بخطاب خلال هذا الأسبوع للشعب التونسي، لاطلاعه على آخر المستجدات، خاصة أن الغموض هو سيد الموقف حول التركيبة الحكومية المقبلة.
ومع اقتراب نهاية الشهر الأول للمفاوضات السياسية حول الحكومة ينقسم المشهد في تونس بين عجز حكومي عن خلق التوليفة الحزبية الممكنة، وتواصل تعقيدات البرلمان مع تواصل الاعتصام المفتوح للحزب الدستوري الحر ضد ما اعتبره ممارسات إخوانية نابية تجاهه.
aXA6IDMuMjMuOTIuNjQg جزيرة ام اند امز