«قرماسة».. جوهرة أمازيغية منحوتة في الجبل ومتحف حي للتراث التونسي (خاص)
تُعد قرية قرماسة، الواقعة جنوب شرقي تونس على بُعد 20 كيلومترًا من محافظة تطاوين، واحدة من أبرز القرى الأمازيغية التي تجمع بين التاريخ والهندسة المعمارية الفريدة.
تنقسم القرية إلى منطقتين: منطقة جبلية قديمة ذات طابع سياحي، وأخرى حديثة في أسفل الجبل تضم مباني عصرية.
مزار سياحي فريد
تستقطب قرماسة آلاف السياح المحليين والأجانب سنويًا، بفضل هندستها الترابية الفريدة ومنازلها المحفورة في الجبل، التي لا تزال تحتفظ بطابعها التقليدي منذ إنشائها.
وتُعرف القرية محليًا باسم "بلاد سبعة عروش"، في إشارة إلى القبائل السبع التي استوطنتها، ذات الأصول الأمازيغية والعربية.
الأمازيغ والتراث
الأمازيغ هم سكان أصليون للمنطقة الممتدة من واحة سيوة بمصر شرقًا، إلى المحيط الأطلسي غربًا، ومن البحر المتوسط شمالًا إلى الصحراء الكبرى جنوبًا.
ويمثلون 5% من سكان تونس، أي نحو 500 ألف نسمة، يعيش معظمهم في الجنوب التونسي بمناطق مثل غمراسن، مطماطة، وزراوة.
تتميز بيوت قرماسة المحفورة في الجبل، التي تُعرف باسم "الغار"، بقدرتها على الحفاظ على حرارة دافئة شتاء وبرودة صيفًا. وتاريخيًا، شكلت هذه البيوت ملاذًا للسكان الأمازيغ للاحتفاظ بتقاليدهم وعاداتهم، خاصة بعد قدوم العرب خلال الفتح الإسلامي.
الحبيب عبيد، الباحث في التراث التونسي، أوضح أن كلمة "قرماسة" تعني "سرج الحصان"، نظرًا لتشابه تضاريسها مع هذا الشكل.
كما وصف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" القرية بأنها "متحف حي" يعكس حياة الأمازيغ في تونس وشمال أفريقيا، مشيرًا إلى أن بعض مبانيها تحولت إلى معالم سياحية رغم الإهمال الذي تعاني منه.
وتابع: "بحلول عام 1998، لم تبقَ في قرماسة القديمة سوى عائلتين، إذ انتقلت معظم العائلات إلى "قرماسة الجديدة"، المعروفة أيضًا بـ"قرماسة المطمئنة"، حيث البناء العصري والأمان. ومع ذلك، ما زالت القرية القديمة مقصدًا سياحيًا بارزًا، وتحتضن مركبًا سياحيًا مهما".
رغم وجود 500 ألف أمازيغي في تونس، فإن من يتحدثون اللغة الأمازيغية لا يتجاوزون 2% من السكان. ويرجع ذلك إلى عوامل تاريخية وثقافية، رغم استمرار جهود بعض الجمعيات في التعريف بالثقافة الأمازيغية وإحياء لغتها.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi41MSA= جزيرة ام اند امز