تحت حكم الإخوان.. تونس في "ذروة" أزمتها الاقتصادية
الاتحاد العام التونسي للشغل يتجه إلى تنفيذ إضراب عام، غدا الخميس، احتجاجا على تردي الأوضاع الاجتماعية وتدهور الاقتصاد.
يتجه الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية العمالية في تونس، إلى تنفيذ إضراب عام، غدا الخميس، احتجاجا على تردي الأوضاع الاجتماعية وتدهور الاقتصاد، جراء سياسات خاطئة قادت البلاد نحو الحضيض.
ومنذ 2011، سجلت أبرز المؤشرات الاقتصادية والنقدية بتونس تراجعا ملحوظا، وفي مقدمتها ارتفاع معدلات الدين العام والبطالة، فيما بلغ عجز الميزان التجاري مستويات غير مسبوقة بالبلاد.
وزير المالية التونسي الأسبق، حسين الديماسي، اعتبر أن " فتيل الأزمة الاقتصادية بالبلاد، يعود إلى سوء الخيارات السياسية لحكومة الترويكا (ضمت 3 أحزاب بينها النهضة)، وإلى عدم كفاءة الحركة الإخوانية في إدارة شؤون الدولة" .
واعتبر الديماسي، في تصريح لـ "العين الإخبارية "، أن "حركة النهضة تتحمل المسؤولية الأكبر في مسار الانهيارات الاقتصادية بتونس، لكونها الطرف الوحيد الذي استمر في الحكم دون انقطاع منذ 2012 " .
وبتطرقه للعجز الهيكلي الذي بات يلازم موازنة البلاد منذ صعود الإخوان للحكم، أوضح الديماسي أن حركة النهضة استنزفت خزينة الدولة عام 2012، من خلال التعويضات التي قدمتها لأنصارها وقواعدها، تحت بند التضرر من نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وكشف أن قيمة التعويضات بلغت مليار دولار، أعطتها حركة النهضة لقواعدها من أجل تثبيت رصيدها الانتخابي.
- انهيار قيمة الدينار
في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تراجع سعر صرف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية، إلى مستويات قياسية، بلغت 2.9 دينار مقابل الدولار الأمريكي، و3.3 دينار مقابل اليورو الواحد، وذلك مقارنة بـ 1.3 دينار مقابل الدولار و1.8 دينار مقابل اليورو في العام 2010.
عز الدين سعيدان، أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم الاقتصادية بتونس، أوضح أن الهبوط السريع للدينار التونسي يعود إلى بطء نمو الاقتصاد، وعجز الميزان التجاري.
كما قال، في تصريح لـ " العين الإخبارية " إن الأمر يعتبر أيضا نتاجا لإملاءات صندوق النقد الدولي، والتي فرضت على البنك المركزي التونسي عدم التدخل لتعديل سعر الدينار.
وعلاوة على ذلك، اعتبر سعيدان أن انهيار العملة المحلية يعود أيضا إلى السياسات الخاطئة لحكومة يوسف الشاهد، والتي اختارت تعويم الدينار، أملا في تشجيع قطاع التصدير، ما ساهم بشكل كبير في ارتفاع قيمة عجز الميزان التجاري.
- عجر قياسي بالميزان التجاري
المعهد التونسي للإحصاء (حكومي) ذكر أن قيمة عجز الميزان التجاري بالبلاد بلغ في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، 18.2 مليار دينار (أي ما يعادل نحو 6 مليار دولار)، بعد أن كان، في 2010، في حدود 7.2 مليار دينار (2 مليار دولار).
وتعد 2010 سنة مرجعية يعتمدها خبراء الاقتصاد في تونس لقياس مستوى نمو أو تراجع المؤشرات الاقتصادية.
ووفق سعيدان، فإن هذه الارتفاع القياسي لعجز الميزان التجاري في ظل حكومة الشاهد وحركة النهضة، ناجم عن زيادة نسبة الواردات وخصوصا التركية، حيث بلغ العجز المسجل مع تركيا 4 مليار دينار (1.5مليار دولار).
- نسبة تضخم عالية
تواجه حكومة الشاهد العديد من الانتقادات بسبب فشل سياستها الاجتماعية، حيث وصلت نسبة تضخم الأسعار، الشهر الماضي، 7.4% بعد أن كانت 3% في 2010.
وتعقيبا على ذلك، قال الخبير الاقتصادي نبيل اللطيف، لـ"العين الاخبارية " إن التضخم بلغ معدلات قياسية في ظل ظرف اجتماعي حساس، بلغت فيه نسبة البطالة، لأول مرة، 15.4%.
وحسب بيانات رسمية، يبلغ عدد العاطلين، حاليا، عن العمل في تونس، 630 ألف شخص، نصفهم من حملة الشهادات العليا.
وخلص اللطيف إلى أن "الاقتصاد التونسي بات في مأزق هيكلي، لارتهانه لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي».
وفي 2018، بلغت نسبة الدين العام في تونس 71% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ35% في 2010، وفق أرقام رسمية.
وتوقع اللطيف أن تدفع هذه الأرقام نحو خلق مناخ اجتماعي متوتر و ظرف سياسي غير مستقر.
ويرى مراقبون أن حيثيات المشهد الاقتصادي الراهن في تونس شبيه إلى حد كبير بملامح الأزمة التي شهدتها البلاد في 1984، أي في أواخر عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
فبعد زيادة سعر الخبز وعدد من السلع الأساسية، حينها، اندلعت احتجاجات واسعة، تخللتها مواجهات مع الأمن، ما أسفر عن سقوط 97 قتيلا، في أحداث كانت بمثابة زلزال هز تونس، ومازالت حتى الآن تشكل نقطة قاتمة تثقل الذاكرة الجماعية بالبلاد.