في خضم حرب التجارة.. تونس تشدد القيود على الواردات لتقليص عجزها

تواصل تونس سياساتها التقشفية التي اعتمدتها الحكومات السابقة، عبر مواصلة ترشيد الاستيراد لكبح تفاقم عجز الميزان التجاري، وذلك في خضم حرب تجارية تشتعل عالميا.
ودعا الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس الأول الأربعاء، خلال لقائه وزير التجارة سمير عبيد إلى ضرورة ترشيد الواردات والحد منها.
وأكد أن ثمة "مبالغ مالية ضخمة بالعملة الأجنبية تُرصد لاستيراد سلع لا يستفيد منها إلاّ المُورّد وعدد محدود من المستهلكين، ومن المفارقات التي يجب أن يُوضع حدّ نهائي لها الحديث عن اختلال التوازن التجاري مع هذه الدّولة أو تلك، في حين أنّ ما يتمّ توريده ليس ضروريا وبالإمكان إنتاجه محلّيا أو لا حاجة لنا به على الإطلاق".
إجراءات حمائية
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي التونسي حسن عبدالرحمان أن دعوة الرئيس قيس سعيد تهدف إلى تنفيذ إجراءات حمائية لكبح انفلات الواردات، ومنع استيراد مجموعة واسعة من السلع غير اللازمة، باعتبارها تمثل استنزافًا لاحتياطيات البلاد من العملة الصعبة.
وقال لـ"العين الإخبارية"، إن تفشي ظاهرة الاستيراد العشوائي كان بسبب غياب سياسة اقتصادية واضحة، وفشل الدولة في تحقيق المعادلة بين تعديل السوق من خلال الاستيراد، وبين الحفاظ على النسيج الصناعي المحلي.
وأفاد بأن استيراد المواد الاستهلاكية، سجل ارتفاعًا بنسبة 13.9%، وهذا يعكس مشكلة الإنتاج في تونس، وسيفقد المنتج التونسي تنافسيته مقابل المنتوج الأجنبي في حال تواصل هذه السياسة.
من جهته، فسر المحلل المالي والاقتصادي بسام النيّفر، تفاقم العجز التجاري، بسبب ارتفاع الواردات وانخفاض الصادرات، نتيجة التراجع المسجل في مبيعات زيت الزيتون، وكذلك قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية وقطاع النسيج والملابس والجلد وقطاع الفوسفات ومشتقاته.
وشدد النيّفر على ضرورة الاستثمار في قطاعي النسيج والصناعات الكهربائية، لأهميتهما في التصدير وخلق مواطن شغل في نفس الوقت، وفق قوله.
وأوضح أنّ نسق الواردات سيرتفع خلال الأشهر القادمة، مقابل تراجع الصادرات، وفق المؤشرات الحالية، مؤكدًا: "في صورة عدم إيجاد حلول، وعدم كبح انفلات نسق الواردات، سيتفاقم العجز التجاري خلال 3 أشهر القادمة، وسيكون مرتفعًا مقارنة بالسنة الماضية".
تفاقم عجز الميزان التجاري
ووفق آخر إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء، فقد تفاقم عجز الميزان التجاري بنسبة 66.8% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2025، ليستقر في حدود 5 مليارات دينار مقابل 3 مليارات دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024.
وقدّر معدل تغطية الواردات بالصادرات بنسبة 75.2%، مقابل معدل بنسبة 84.3% خلال الفترة ذاتها من 2024.
ويُفسر هذا العجز، أساسًا، بالعجز المسجل بميزان الطاقة، وبالمواد الأولية ونصف المصنعة، ومواد التجهيز، والمواد الاستهلاكية.
وشهدت واردات البلاد من مواد التجهيز، والمواد الأولية ونصف المصنعة، ارتفاعًا بنسبة 18.3%، وارتفاعًا بنسبة 5.1%. كما سجلت المواد الاستهلاكية ارتفاعًا بنسبة 13.9%. في المقابل، سجلت واردات مواد الطاقة تراجعًا بنسبة 9.6%، والمواد الغذائية بنسبة 2.1%.
وارتفعت الواردات مع العديد من الشركاء الأوروبيين، منهم فرنسا بنسبة 8.1%، وإيطاليا بنسبة 0.8%، وألمانيا بنسبة 3.6%. في المقابل، تراجعت واردات البلاد من اليونان بنسبة 10.2%، ومن بلجيكا بنسبة 12.1%.
ومن خارج الاتحاد الأوروبي، سجلت الواردات ارتفاعًا مع الصين بنسبة 60.9%، ومع تركيا بنسبة 13.7%. في حين تراجعت مع روسيا بنسبة 2.9%، ومن الهند بنسبة 2%.
aXA6IDMuMTQ2LjIyMS40OSA= جزيرة ام اند امز