"حكومة مستقلة".. أطماع إخوان تونس تتكسر على أبواب المشيشي
رئيس الوزراء التونسي المكلف يقرر تشكيل حكومة من الكفاءات المستقلة ضاربا عرض الحائط مطالب الإخوان ومساعيهم إلى حكومة تخضع لإرادتهم
رغم رسائلهم المبطنة، وتهديداتهم باستعمال العنف، قرر رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي، تشكيل حكومة من الكفاءات المستقلة، ضاربا عرض الحائط مطالب الإخوان ومساعيهم إلى حكومة تخضع لإرادتهم.
ووفق باحث سياسي تحدث لـ"العين الإخبارية" فإن قرار المشيشي يزيد من عزلة الإخوان التي أصبح انهيارها التام مسألة وقت بفعل التآكل الشعبي وبداية مساءلتها عن الأزمات التي أدخلت فيها البلاد على مدار حكمها.
وفي مؤتمر صحفي أمس الإثنين، قال المشيشي إنه يقف أمام حجم من التناقضات الكبيرة بين الأحزاب البرلمانية وأن الوضع العام في تونس "يحتم الذهاب باتجاه حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي".
وأعلن عن قراره "تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة"، في معارضة لما طلبته حركة النهضة الإخوانية بضرورة تشكيل حكومة من الأحزاب.
وأكد المشيشي أنه سيشكل حكومة من خارج الأحزاب، تكون مهمتها النظر في الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وما إن أعلن المشيشي عن هوية الحكومة القادمة، حتى أطلقت غربان الإخوان نعيقها، معتبرة أن هذا القرار "انقلاب" ثنائي يقوده رئيس البلاد قيس سعيد والمشيشي على زعيم الإخوان راشد الغنوشي.
وفي المقابل، لاقى القرار موافقة العديد من القوى السياسية والاجتماعية، وأغلبية الكتل البرلمانية التي طالبت منذ تكليف المشيشي بتعيين حكومة من المستقلين.
وأمس الإثنين، دعا اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس تأسست سنة 1946) إثر لقائه بالمشيشي إلى الإسراع بتشكيل حكومة تكون قادرة على حل الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وقال الأمين العام للمنظمة، نور الطبوبي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية " إن الحل الأمثل هو تكوين حكومة لا تخضع للمحاصصات الحزبية.
وتحدث أمين عام المنظمة النقابية التونسية عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، قائلا "إنها خطيرة تهدد استقرار البلاد " ، وأنه من الضروري أن يتحمل المشيشي جميع مسؤولياته في إنقاذ البلاد.
الحرب على الإخوان
ويرى متابعون أن المشيشي رجل من خارج "الكلاسيكيات" الحزبية، يعيش في ظل الرصيد الشعبي للرئيس التونسي قيس سعيد، وينسجم مع أفكاره المناقضة للتشكيلات الحزبية.
وهذه المعطيات هي التي دفعته أن يختار هندسة جديدة للحكومة تقطع مع المحاصصة السابقة التي حكمت على حكومة الحبيب الجملي بالسقوط في 10 يناير/كانون الثاني، وحكومة الفخفاخ التي استقالت في شهر يوليو/تموز المنقضي.
الباحث في الفلسفة السياسية بالجامعة التونسية، مراد الخزري، قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن هذا الخيار الذي اتبعه المشيشي سيزيد من عزلة حركة النهضة التي فشلت في تثبيت موقعها كقوة سياسية، وأصبح انهيارها التام مسألة وقت بفعل التآكل الشعبي الذي يقلص وزنها بشكل تدريجي منذ سنة 2011.
وقد فقدت حركة النهضة قرابة مليون صوت بين الانتخابات التشريعية لسنة 2011، التي تحصلت فيها على مليون وأربعة مائة ألف صوت، وانتخابات 2019 التي انحصر فيها عدد الأصوات في 400 ألف ناخب من مجموع 8 ملايين تونسي.
وأضاف الخزري أن اختيار المشيشي لحكومة مستقلة هو نابع عن رفض التونسيين للأحزاب السياسية التي تواجدت منذ سنة 2011، والتي فشلت على حد رأيه في القضاء على البطالة التي بلغت 20 بالمائة من مجموع السكان.
الأحزاب المساندة
ويساند خيار المشيشي العديد من الكتل البرلمانية التي ترى في حركة النهضة عاملا سلبيا في طريق معالجة القضايا العالقة في تونس، وأهمها الأزمة الاقتصادية.
وقد دعت في هذا الاتجاه العديد من الشخصيات السياسية والكتل البرلمانية في تونس رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي لإبعاد حركة النهضة من التشكيلة الحكومية القادمة.
وتنطلق هذه الكتل من قاعدة أساسية وهي أن الإخوان فشلوا في ممارسة الحكم منذ سنة 2011، وكانوا مصدرًا لانهيار الاقتصاد التونسي وانتشار الجريمة والإرهاب وتنامي الفكر المتطرف.
وتتمثل هذه الكتل الرافضة لمشاركة حركة النهضة في الحكومة بالأساس في حركة الشعب القومية (18مقعدا)، وحزب التيار (22مقعدا)، والدستوري الحر (16مقعدا) إضافة إلى شخصيات سياسية على غرار النائب اليساري منجي الرحوي، ورئيس "صوت الفلاحين " فيصل التبيني.
وبرفض طلب الإخوان، سيجد المشيشي نفسه حسب العديد من المتابعين أمام هجمة إخوانية تقودها وسائل الدعاية التقليدية للفكر المتطرف وعلى رأسها قناة الجزيرة القطرية التي تدافع منذ سنة 2011 عن أعشاش الدبابير الإخوانية.
ويمنح النظام السياسي في تونس الحزب الفائز تقديم مرشح لتشكيل الحكومة.
وكانت حركة النهضة قدمت مرشحها الحبيب الجملي بعد استنفاد الآجال الدستورية القصوى قبل أن تسقط حكومته في البرلمان. وأصبح الرئيس هو المخول، بحسب الدستور، بتقديم مرشح بديل، وكان اختياره لإلياس الفخفاخ.
وقدمت حركة النهضة وأحزاب أخرى حليفة لها لائحة لوم لسحب الثقة من حكومة الفخفاخ بعد نحو خمسة أشهر من نيله المنصب، ولكن استقالته أبقت المبادرة دستوريا عند رئيس الجمهورية لاختيار مرشح آخر، ولا يلزم الدستور المشيشي بتكوين حكومة أحزاب.
aXA6IDMuMTQ1LjYxLjE5OSA= جزيرة ام اند امز