تونس تحاكم «قادة التآمر».. خطوة جديدة نحو الخلاص من «الإخوان»

بين أروقة المحاكم وأسوار العدالة، تتكشف الأدلة لتميط اللثام عن واحدة من «أخطر المؤامرات» التي استهدفت استقرار تونس، والمتورط فيها قادة بتنظيم الإخوان.
فبينما يحاول التنظيم تصوير محاكمة قادته في قضية التآمر على أمن تونس التي ستنطلق أولى جلساتها اليوم الثلاثاء، كاستهداف سياسي، تؤكد الأدلة والتحقيقات أن ما حدث لم يكن مجرد خلاف سياسي، بل مؤامرة ممنهجة لزعزعة استقرار البلاد.
وبانطلاق أولى الجلسات، تسود تساؤلات حول مستقبل تونس بعد هذه المحاكمة: هل تطوى صفحة الإخوان إلى الأبد، أم أن التنظيم سيحاول البحث عن مخارج جديدة للالتفاف على مصيره المحتوم؟
مزاعم واهية
يقول المحلل السياسي التونسي حسن التميمي في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن جميع البراهين والأدلة تثبت تورط جماعة الإخوان وحلفائها، موضحا أن كل مزاعم الإخوان ببراءة قادتها واهية.
وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن هذه القضية متشعبة نظرا لتورط سياسيين تونسيين ودبلوماسيين أجانب، بهدف إسقاط النظام بإيعاز من عناصرهم الموجودة داخل القصر.
وتعود القضية إلى فبراير/شباط 2023، وتشمل نحو 86 شخصًا من بينهم زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي وقيادات سياسية كانت تعمل على قلب نظام الحكم.
ووفق التحقيقات، فإن المتهمين حاولوا في 27 يناير/كانون الثاني 2023، الانقلاب على الحكم عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلين بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي.
ومن المرتقب أن ينظم «الإخوان» وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء، أمام المحكمة وسط العاصمة؛ للتشكيك في نزاهة القضاء وللترويج لبراءة جماعتهم.
تلك الوقفة تأتي متسقة مع موقف جماعة الإخوان التي لم تجد مهربا من القضية، إلا بالتشكيك في نزاهة القضاء، خاصة وأنهم يعرفون جيدا تفاصيل هذا الملف القضائي، بحسب المحلل التميمي.
وأوضح أنه إثر الإطاحة بحكم الإخوان في 25 يوليو/تموز 2021 بعد التفطن لبشاعة الجرائم التي ارتكبوها في حق البلاد طيلة فترة حكمهم، حاولت الجماعة العودة للحكم بأساليبهم الخبيثة مستغلين الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية لتعيين شخصية حليفة معهم بديلا عن الرئيس قيس سعيد.
تورط الإخوان
من جهته، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون التونسي زياد القاسمي في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن التحقيق في «هذه القضية استمر عامين، مشيرًا إلى أن التحقيقات أثبتت تورط السياسي خيام التركي وقيادات إخوانية من بينها الغنوشي ونور الدين البحيري وعبد الحميد الجلاصي.
وأوضح أن «الاختبارات الفنية لهواتف المتهمين أثبتت أن المخطط التآمري كان متكاملا، حيث تم التخطيط إلى كيفية الإطاحة بقيس سعيد وكيفية الانتقال من سلطة إلى أخرى».
وأكد أن «هذه القيادات السياسية كانت تهدف للإطاحة بالنظام حيث قامت باستمالة أطراف أجنبية دبلوماسية وحاولت التواصل مع الجيش التونسي وناقشت إمكانية التأثير على الجيش للانقلاب، لكن محاولاتهم باءت بالفشل وتم تتبع جميع المتورطين».
وأفاد بأن الاختبارات الفنية لهواتف المتهمين وبتفتيش منازلهم تم العثور على المخطط التآمري الكامل الذي سيتم تنفيذ في حال توصلهم لإسقاط نظام قيس سعيد حيث تم العثور على وثيقة تظهر الشروط السياسية لإسقاط نظام قيس سعيد، وتحديد اللجنة التي سيتم تشكيلها لاختيار رئيسين للجمهورية والحكومة بعد سقوط النظام، وكيفية الانتقال من فترة حكم سعيد إلى ما بعدها.
تفاصيل القضية
وأثبتت عملية تتبع قيادات الإخوان ومراقبة هواتف الموقوفين تورطهم في قضية «التآمر على أمن الدولة» التونسية، بهدف إعادة الجماعة للحكم، عبر تشكيل حكومة جديدة والعودة للعمل بدستور 2014 الذي صاغته وتوقف العمل به في العام 2022، بحسب التحقيقات.
والقضية متشعبة الأطراف، حيث تورط فيها 86 شخصا داخل تونس وخارجها، بهدف «قلب نظام الحكم»، بينهم راشد الغنوشي.
وتعود القضية إلى فبراير/شباط 2023، عندما اعتقلت السلطات التونسية مجموعة من السياسيين البارزين، بينهم السياسي خيام التركي (حزب التكتل/ ديمقراطي اشتراكي)، وعبدالحميد الجلاصي القيادي في الإخوان، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة (إخوانية).
كما اعتقلت كمال اللطيف رجل الأعمال التونسي، وسامي الهيشري المدير العام السابق للأمن الوطني، وفوزي الفقيه رجل الأعمال الشهير، بتهمة «التآمر على أمن الدولة».
ووفق التحقيقات، فإن المتهمين حاولوا في 27 يناير/كانون الثاني 2023، الانقلاب على الحكم عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلين بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي.
إلا أن قوات الأمن والاستخبارات التونسية تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع مكالماتهم واتصالاتهم وخطواتهم، ليتبين أن خيام التركي، وهو الشخصية التي أجمع عليها الإخوان لخلافة قيس سعيد، حيث كان حلقة الوصل بين أطراف المخطط.
والتقت قيادات إخوانية في منزل خيام التركي، الناشط السياسي ومرشح الإخوان للحكومة سنة 2019، رفقة كمال لطيف رجل الأعمال المعروف بـ"رجل الدسائس" ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.