يوليو العاصف في تونس.. غروب الإخوان وولادة "الجمهورية الجديدة"
غالبا ما يرتبط يوليو/تموز في تونس بالعطلة الصيفية وعيد الجمهورية، لكن تواتر الأحداث هذا العام يجعله شهرا عاصفا كتب شهادة وفاة وولادة في آن.
شهادة ولادة لجمهورية جديدة كما أرادها التونسيون، وشهادة وفاة توثق أفول الإخوان؛ التنظيم الإرهابي الذي أثقل البلاد بسياسات انتقامية خاطئة قادتها إلى حافة الفوضى والإفلاس.
ثنائية متضاربة تختزل التسلسل المنطقي لتطورات يفرضها واقع لفظ الإرهاب وأقبل على التأسيس لجمهورية جديدة، ضمن مسار إصلاحي بدأ قبل عام، وانتهى بتحقيق مطالب شريحة واسعة من التونسيين.
ففي يوليو/تموز 2022، كتبت تونس محطة جديدة بمسارها الحديث، ولفظت بـ"نعم" للدستور الجديد الإخوان، لتضع بذلك حدا لعقود من الانهيار والمحاصصات والتجاذبات والإرهاب والاغتيالات.
شهر عاصف على الإخوان، استهله الرئيس قيس سعيد، في أول أيامه، بنشر مشروع الدستور الجديد، ما شكل أولى الصدمات للتنظيم الإرهابي ممن كان يعول على تفجير الخلافات لعرقلة إعداد المسودة.
وبعدها بيومين، وتحديدا في 3 يوليو/تموز، انطلقت الحملة الدعائية للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد.
وفي الوقت الذي كان فيه الرأي العام منشغلا بشأن الاستفتاء المرتقب حينها، بدأ القضاء التونسي بالتحقيق مع زعيم الإخوان بتهم الضلوع في جرائم إرهابية.
وشكل التحقيق الذي استمر مع الرجل الثمانيني لأكثر من 10 ساعات، فرصة طال انتظارها للكشف عن خبايا جرائم الاغتيالات السياسية وتبييض الأموال والإرهاب التي عرفتها تونس في زمن حكم الإخوان خلال العشرية الأخيرة.
وجاء التحقيق مع الغنوشي عقب قرار النيابة العامة فتح تحقيق ضد مسؤولين سابقين وحاليين من جمعية "نماء تونس" الخيرية من أجل جرائم تبييض وغسل الأموال والاشتباه في تمويل أشخاص أو تنظيمات مرتبطة بالإرهاب سواء داخل التراب التونسي أو خارجه، وقد جرى استدعاء الغنوشي من قبل قاضي التحقيق.
ومثل الغنوشي أمام القاضي كمتهم في القضية إلى جانب نجله معاذ الغنوشي وصهره وزير الخارجية السابق رفيق عبدالسلام، ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي الذي اعتقل، مؤخرا، وتم الإفراج عنه ليبقى على ذمة التحقيقات في القضية ذاتها.
وبينما كانت فصول نهاية الإخوان تتوالى سريعا، انطلق، السبت الماضي، التصويت خارج تونس على مشروع الاستفتاء.
والإثنين، أي اليوم الذي يوافق إعلان الإجراءات الاستثنائية من قبل سعيّد قبل عام، ويصادف عيد الجمهورية، أدلى التونسيون بأصواتهم حول مشروع الدستور الجديد، ولفظوا بـ"نعم" إرهاب الإخوان، لتدخل تونس مرحلة بناء جديدة تقطع مع إرث التنظيم وتتطلع لبناء دولة مدنية جديدة.
ومساء أمس الثلاثاء، أعلنت هيئة الانتخابات التونسية فوز مسودة الدستور بموافقة غالبية الشعب، مشيرة إلى أن 94.60% صوتوا بـ"نعم" لصالح الدستور الجديد.
وقالت الهيئة إن النتائج الأولية تظهر أن الناخبين أيدوا دستورا جديدا يمنح الرئيس قيس سعيد مزيدا من الصلاحيات، ما يغلق نهائيا قوس الإخوان ويفتح المجال لعهد جديد.
aXA6IDE4LjE5MS4yNy43OCA= جزيرة ام اند امز