اهتم الرئيس قيس سعيد من أول يوم له في قصر قرطاج، قصر الحكم في تونس، بإرسال إشارات، لم يستطع الإخوان -ممثلة في حركة النهضة- فكّ شفرتها.
إذ لم تكن تلك الإشارات سوى مقدمة لكتابة نهاية الإخوان، الذين ساموا تونس خلال عقد من الزمن سوء الحكم، متسلحين بمقتضيات دستور فُصّل على مقاس حركة النهضة، الجناح السياسي الأبرز لتنظيم الإخوان في البلاد.
لقد توجّس الإخوان خيفةً من قيس سعيد، حين دعموا في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة منافسه نبيل القروي، رغم ما يحوم حوله من شبهات ومتابعات قضائية بشأن التورط في قضايا فساد.
لكن جرت الرياح بما لم تشتهِ سفن الإخوان، وفاز قيس سعيد برئاسة تونس، ليقود البلاد بأسلوبه الخاص، متميزًا بلغته الفصحى، واستخدامه لخط الرقعة في إنفاذ قراراته الهامة.
حمل خط الرقعة قرار تجميد البرلمان، ثم حلّه الرئيس قيس سعيد لاحقا، ليهدم أهم منبر للإخوان استخدموه في تعطيل العمل الحكومي، ومضايقة ساكن قرطاج، الذي كبّله نص دستور 2014، وما يتضمنه من صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية، وتغوّل السلطة التشريعية -التي عاث فيها الإخوان فسادا- على حساب السلطات الأخرى، وهي فرصة استمرأ الإخوان استغلالها، ما انعكس على واقع تونس فأحالها من أزمة اقتصادية وسياسية إلى أخرى كادت تعصف بالبلاد.
أُطيح بالإخوان من الحكم شعبيا ودستوريا، فكان خط الرقعة يكتب كل مرة سطرًا في نهاية عهد الإخوان، فأعلن الرئيس التونسي مسارًا انتخابيا من محطات، أولها الاستشارة الشعبية الإلكترونية، وثانيها الاستفتاء على الدستور، الذي يحول نظام الحكم في تونس إلى نظام رئاسي بصلاحيات واسعة، ثم يُنتظر أن يتم إقرار نظام انتخابي جديد لن يترك للإخوان فرصة للعودة، مع استقرار الأمور في نصابها الطبيعي.
كان قيس سعيد، الذي سيتوج إصلاحاته غير المسبوقة بانتخابات تشريعية ورئاسية، كابوس الإخوان، الذي لم يحلموا به في تقلباتهم الليلية، وكان خط الرقعة والصوت الفصيح ناقوس نهاية عهدهم البائد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة