مشروع قانون أمريكي لـ«معاقبة» تونس.. رفض وانتقادات وغضب

مشروع قانون أمريكي حول الديمقراطية في تونس يثير الغضب والاستياء فيما يعتبره سياسيون وبرلمانيون «محاولة تدخل» بالشأن المحلي.
ويواصل النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون، مهاجمة السلطات التونسية والدعوة إلى فرض عقوبات على المسؤولين بالبلد العربي في مختلف المجالات.
ومؤخرا، قدّم ويلسون، بالتعاون مع النائب الديمقراطي جيسون كرو، مشروع قانون بعنوان "قانون استعادة الديمقراطية في تونس".
رفض وغضب
وأثار مشروع القانون موجة انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والبرلمانية بتونس، والتي عبرت عن رفضها القاطع له، معتبرةً أنه تدخل في الشأن الداخلي للبلاد.
وأعرب زهير المغزاوي، الأمين العام لـ"حركة الشعب" في تونس زهير المغزاوي، عن رفضه للتدخلات الخارجية، مؤكدا ضرورة عدم الاستهانة بمثل هذه المحاولات.
وشدد المغزاوي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، على رفض حركته (قومية/ 11 نائبا بالبرلمان)، لكل التدخلات الخارجية، قائلا “مهما كانت خلافاتنا مع الأنظمة الحاكمة، نحن نعلم نتيجة التدخلات الخارجية في العديد من الدول”.
ودعا المغزاوي الرئيس التونسي قيس سعيد إلى "تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة المخاطر الخارجية"، مؤكدا على "ضرورة فتح حوار مع القوى الوطنية الحقيقية، وايلاء الملفات الحارقة التي تعيشها البلاد الأهمية القصوى حتى لا يتمكن العدو الخارجي من محاولات التدخل في شؤوننا".
«ازدواجية»
من جانبه، اعتبر "الحزب الجمهوري" (وسطي-ليبرالي- اجتماعي) أن مشروع القانون المعروض على الكونغرس الأمريكي يمثل "اعتداء صارخا على السيادة الوطنية وتدخلا مرفوضا في شؤوننا الداخلية".
وشدد الحزب في بيان له على أن مشروع القانون "يكشف مجددا ازدواجية الخطاب الأمريكي الذي يدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في حين أن تاريخه حافل بدعم الاستبداد والتنكيل بالشعوب".
وأشار إلى أن "السبيل الوحيد لحماية تونس من التدخلات الأجنبية هو الوحدة الوطنية عبر إطلاق حوار وطني شامل يضم مختلف القوى السياسية والاجتماعية والمدنية ومصالحة وطنية حقيقية".
"لا قيمة له"
في قراءته للموضوع، يرى زياد القاسمي، أستاذ القانون التونسي والمحلل السياسي، أن مشروع القانون يعتبر "تدخلا في الشؤون التونسية كما أنه لا قيمة له".
ويقول القاسمي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مشروع القانون لم يوقع عليه سوى نائبان فقط وهو يفتقر للتحالفات السياسية الضرورية لإنجاحه".
وأوضح أنه "في الكونغرس الأمريكي لا يمر أي قانون إلا بأغلبية بسيطة وأن أي مشروع قانون يفتقر لقاعدة دعم واسعة يتعرض للفشل منذ بداياته، ما يعني أن المشروع الحالي لن يصل إلى النقاش بالمجلس".
وبحسب الخبير، فإن "مشاريع القوانين التي تنجح عادة تكون حاصلة على دعم سياسي واسع من قبل نواب مؤثرين ورؤساء لجان وغيرهم وليس من قبل نائبين (اثنين) فقط".
وفي السياق نفسه، شدد القاسمي على أن "تونس دولة ذات سيادة كاملة، وأن أي تدخل خارجي في شؤونها مرفوض".
وأكد أن بلاده "قادرة على حماية مصالح شعبها ووحدتها الوطنية مهما كانت الضغوط".
مشروع القانون
مشروع القانون الذي قدمه كل من النائب الجمهوري جو ويلسون والنائب الديمقراطي جيسون كرو إلى لجنتي العلاقات الخارجية والقضائية بمجلس النواب الأمريكي، يهدف إلى "دعم الديمقراطية في تونس وفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان"، بحسب تعبير مقدميه.
ويتضمن المشروع أحكاماً صارمة، تشمل تعليق المساعدات الموجهة للأجهزة الأمنية والعسكرية التونسية المرتبطة بما تعتبره واشنطن "قمعاً داخلياً أو انتهاكات لحقوق الإنسان".
كما يتضمن أيضا إعداد قائمة علنية خلال 180 يوماً تضم مسؤولين تونسيين يشتبه في "تورطهم بالفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان"، مع فرض عقوبات مباشرة تشمل تجميد الأصول ومنع دخول الأراضي الأمريكية.
وأيضا يلزم مشروع القانون الإدارة الأمريكية بتقديم خطة واضحة للكونغرس "لاستعادة الديمقراطية في تونس"، حسب المصطلحات المستخدمة في نصه، بما يشمل "إعادة تفعيل البرلمان ودعم استقلال القضاء والعودة إلى دستور 2014"، في إشارة إلى الدستور الذي وضعه الإخوان في سنوات حكمهم.
وجاء هذا المشروع بعد زيارة وفد من الكونغرس الأمريكي برئاسة مايك لولر، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تونس.
وخلال الزيارة، أجرى لولر مباحثات مع وزيري الخارجية والدفاع التونسيين، حيث ثمن متانة روابط الصداقة بين البلدين، وأكد اهتمام الكونغرس الكبير باستقرار تونس أمنياً واقتصادياً.