«مستنقع فساد» إخوان تونس.. تعيينات بشهادات مزورة وتعطيل لعمل الدولة
لم يكتف الرئيس التونسي قيس سعيد في مساره الإصلاحي بعد 25 يوليو/تموز 2021 بمحاسبة القيادات البارزة للإخوان وعلى رأسهم راشد الغنوشي فقط، بل يحاول جاهدا تطهير البلاد من أي مخلفات تعيق بناء الجمهورية الجديدة.
وإثر الانطلاق في مراجعة التعيينات والانتدابات الإخوانية داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية منذ سبتمبر/أيلول الماضي، بدأت البلاد تتعافى من هذا الإرث الإخواني المتغلغل داخل أجهزتها.
- حبس «زعيم الأمن الموازي» لإخوان تونس.. نقطة نهاية لـ«الجهاز السري»؟
- فتحت ملفات جرائم الإخوان.. وزيرة العدل التونسية تتعرض لـ«تهديدات»
وانطلقت عملية التدقيق في الانتدابات المنجزة من 14 يناير/كانون الثاني 2011 (تاريخ سقوط نظام زين العابدين بن علي وصعود الإخوان) إلى 25 يوليو/تموز 2021 تاريخ نهاية حكم الإخوان، في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وتستمر لمدة شهرين، ومن المنتظر الإعلان عن النتائج في الأيام القليلة المقبلة.
وعمدت حركة النهضة الإخوانية منذ 2012 إلى تعيين أتباعها والمنتفعين بالعفو التشريعي العام في مفاصل الدولة حسب الولاء، وليس على أساس الكفاءة والتجربة، في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية.
وقد أثبتت النتائج الأولية التي تم التوصل إليها من قبل لجنة التثبت والتدقيق في عمليات الانتداب الإخوانية التي تم إحداثها في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، حجم التلاعب بالمال العام، حيث تم اكتشاف عدم وجود 15 ألف ملف انتداب أو إدماج في إحدى الوزارات، ما يعني أن هناك أموالاً يتم صرفها شهريا بتعلة أنها ترصد لرواتب ومنح الموظفين لكن يتم نهبها، والتلاعب بها.
وأكدت الرئاسة التونسية في بيان، الإثنين، أنه خلافا لعدم وجود 15 ألف ملف انتداب داخل إحدى الوزارات، تم التفطن إلى عدم توفر بعض الشروط القانونية في عدد من الذين تم انتدابهم خاصة في مؤسسات حكومية.
وقد نفث تنظيم الإخوان سمومه في كل مفاصل الدولة من خلال زرع جماعته وأنصاره في كل الإدارات والمؤسسات والوزارات من أجل تنفيذ مخططات التمكين داخل الدولة.
وبحسب المعطيات الأولية، فإن هناك 7000 تعيين إخواني داخل الوزارات والدوائر الحكومية منذ سنة 2011،سيتم التدقيق فيهم عن طريق فحص شهاداتهم العلمية وطرق انتدابهم وولاءاتهم الحزبية.
ومنذ أيام، أحال البرلمان التونسي الذي كان الأداة التشريعية لهذا التنظيم خلال فترة حكمه، 120 ملفا لموظفين به إلى لجنة التدقيق في التعيينات تم توظيفهم بطرق غير قانونية وبشهادات علمية مزورة.
والأربعاء، أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار خلال جلسة بالبرلمان، أنه لدى تعيينه وجد الوزارة في وضعية كارثية من ولاءات حزبية وانتهازية وعدم تواصل وإهمال للملفات المهمة وتعطيل عمل الوزارة .
وأضاف بن عمار أن الوزارة قامت بمراجعة الانتدابات والتعيينات واتخذ الإجراءات العاجلة لتطهير الإدارة بالمفهوم الايجابي خاصة مما حصل فيها في الثلاث سنوات الأخيرة وهي الأكثر كارثية وفق تعبيره.
من جهة أخرى، قال الصحبي الصديق المحلل السياسي، إن "عدد الأشخاص الذين شملهم العفو التشريعي العام منذ 2011، بلغ نحو 7 آلاف شخص وقد تم تعيينهم داخل مفاصل الدولة، وفق ما أكده سابقا وزير الوظيفة العمومية التونسي الأسبق عبيد البريكي".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، "ما يعني أن عملية التدقيق في الانتدابات ستشمل هذا العدد من جماعة الإخوان.. وفي حال ثبوت تزوير الشهادات العلمية قد تصل عقوبة السجن لهؤلاء الأشخاص من 10 سنوات إلى مدى الحياة".
وأقرّ بأن هناك انتدابات عشوائية وانتدابات بالولاءات والمحاباة، وانتدابات في إطار العفو التشريعي العام، موضحا أن "الخراب تمكن بالبلاد منذ سنة 2011 وتطهير البلاد منه يتطلب دقة وحنكة وشجاعة".
واعتبر أن "الإدارة التونسية اليوم فيها جزء معطل للمسار الإصلاحي للرئيس قيس سعيد والذي انطلق في 25 يوليو/تموز 2021 وتتعامل بموروث ما بعد 2011.
وأكد أن التعيينات بعد 2011 تمت على أساس الولاءات الحزبية لتنظيم الإخوان وهذا ما يستدعي ضرورة المراجعة.
وحل العشرية السوداء
من جهة أخرى، قال عضو لجنة المالية بالبرلمان، زياد ماهر، "لا نزال نعيش في وحل العشرية السوداء من حكم حركة النهضة وحلفائها".
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تونس شهدت في تلك الفترة إهدارا كبيرا للمال العام من خلال إغراق الوظيفة الحكومية بالانتدابات".
كما دعا إلى التسريع في مراجعة التعيينات خاصة في وزارة الداخلية والتعيينات التي طالت أئمة عدد من المساجد.
كما أكد زياد ماهر أنه حصل خلال تلك الفترة أيضا إهدارا للمال العام ولأموال الهبات والقروض التي تحصلت عليها الدولة التونسية في العشرية الماضية وتم صرفها في غير مجالها.
وأوضح أنه سيتم إحداث لجنة برلمانية في الأيام القليلة المقبلة للتدقيق في هذه الهبات والقروض لمعرفة مآلاتها.
وإثر سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011، وبعد وصول الإخوان للسلطة ووضع أيديهم على جميع مفاصل الدولة، تم إصدار مرسوم عرف بـ"العفو التشريعي العام" في 19 فبراير/شباط من العام نفسه تم بمقتضاه انتداب نحو 7 آلاف موظف أغلبهم من الإخوان وأنصارهم، بالمؤسسات الحكومية.
وبعد 2011، استثمر الإخوان، بمن فيهم من شارك في عملية إرهابية عام 2007، قانون "العفو التشريعي العام" والتحق أعضاء التنظيم للعمل في الجهاز الحكومي. ومنح الإخوان أعضاء التنظيم وأنصاره تعويضات مالية كبيرة، واستحدثوا صندوقاً وحساباً خاصاً في الخزينة العامة، منتهكين بذلك الإجراءات القانونية، باسم "حساب جبر الضرر لضحايا الاستبداد المتمتعين بالعفو العام".
ومكنت أسر الإخوان في المؤسسات العامة، عبر تعيين فردين أو ثلاثة أو أكثر، إلى حدّ 11 فرداً من عائلة واحدة موالية لهم، بدلاً من توزيع هذه الوظائف على الأسر الفقيرة للمساهمة في تحسين أوضاعهم.
aXA6IDMuMTUuMjAzLjI0MiA= جزيرة ام اند امز