جولة الغنوشي الخارجية.. تحد للرئيس التونسي واحتماء بالخارج
يجري رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي تحركات خارجية، وصفها مراقبون بـ"المريبة".
وبدأ الغنوشي جولته الخارجية أمس الأول من دولة قطر، على أن تشمل عواصم عربية وغربية، وفق بيان لـ"النهضة" صدر السبت ولم يسم هذه العواصم، في تحد للرئيس التونسي قيس سعيد، الذي يمنحه الدستور الحق الحصري لتمثيل البلاد خارجيا.
وفي بيان النهضة، ابتكر الغنوشي مفهوما سياسيا جديدا وغريبا وهو "الدبلوماسية الحزبية"، الذي يعتبره مراقبون إحدى أدوات الإخوان للتحرك خارجيا، وتأكيدا على ارتباط حركتها في تونس بالتنظيم الدولي.
وخالف الغنوشي الأعراف الدبلوماسية لتونس بزيارة غير معلنة لقطر، حسب ما ذكرته مصادر مقربة من الرئيس التونسي لـ"العين الإخبارية".
وأوضحت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها: "كان على الغنوشي إعلام وزارة الخارجية بتحركاته خارج البلاد مثلما تفرض القوانين الداخلية لتونس، وهو خط اعتمدته السلطات في فترة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي".
تحد واضح للرئيس
يرى مبروك الحفناوي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، أن "زيارات الغنوشي الخارجية هي تحد لصلاحيات قيس سعيد الذي قام بزيارات ناجحة في الفترة الأخيرة، أبرزها زيارة القاهرة التي أعادت الروح بين البلدين".
وتابع "أنتجت قمة تونس القاهرة توافقات إقليمية بين البلدين على مكافحة الإرهاب والتطرف والتصدي لأي ضرر يصيب مصر على خلفية قضية سد النهضة الإثيوبي".
وأضاف الحفناوي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الغنوشي يحاول تضليل الرأي العام التونسي، بالقول إن زيارته لقطر تهدف لجلب مساعدات مالية واقتصادية للبلاد".
وأوضح أن الغنوشي "لا يملك الصلاحيات لإبرام أي اتفاقية ولا يملك الصفة لتمثيل الدولة التونسية في الخارج، وأي اتفاقيات ممكنة تكون إما عبر رئيس الحكومة وإما رئيس الجمهورية".
ومضى قائلا إن "تحركات رئيس حزب النهضة خارجيا كانت ولا تزال محط شكوك كبيرة حول فحواها ومضامينها، مذكرا بزيارة الغنوشي إلى تركيا سرا مطلع عام 2020، والتي حملت تنسيقا مع رجب طيب أردوغان لتسهيل تسرب مرتزقة سوريين إلى ليبيا عبر الأراضي التونسية، كما ذكرت تقارير إعلامية واستخباراتية في تلك الفترة".
محاولات لكسر العزلة
يعيش الغنوشي مأزقا داخليا صعبا، خاصة بعد ظهور نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة "سيغما كونساي"، وأظهر أن زعيم النهضة هو أخطر شخصية في تونس برأي 70% من التونسيين.
هذا المأزق الداخلي دفع الغنوشي إلى التحرك خارجيًا للاحتماء بحلفائه في معركته المفتوحة مع قيس سعيد، وفق مراقبين.
ويرى المراقبون أن حزب النهضة لا يرى في تونس إلا غنيمة إخوانية ومنصة للتنظيم الأكثر تشددا في العالم، من أجل إنجاح مشروع أخونة المنطقة الذي فشل منذ انكسار شوكتهم في مصر عام 2013.
وفي هذا الإطار، وصف النائب اليساري منجي الرحوي في حديث لـ"العين الإخبارية" من داخل البرلمان، الغنوشي بـ"العميل الذي يخدم ضد مصلحة بلاده"، محملًا إياه "تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس في ظل حكم الإخوان".
الرحوي طالب التونسيين بـ"التصدي لمشروع حركة النهضة وفضح ألاعيبها السياسية في تحطيم أحلام الشعب التونسي وإغراق البلاد في الصراعات الإقليمية التي لا تنفع تونس في شيء".
ويواجه راشد الغنوشي عريضة لسحب الثقة من رئاسته للبرلمان منذ أكثر من ثلاثة أشهر، استعملت فيها الحركة الاخوانية كل أدوات الابتزاز وشراء الذمم والتهديدات من أجل إبطالها وتعطيلها، حسب ما ذكرته مصادر برلمانية لـ"العين الإخبارية".
وتشهد تونس أزمة سياسية خانقة منذ يناير/كانون ثاني الماضي، تسبب فيها الإخوان ورئيس الحكومة الموالي لها هشام المشيشي.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أجرى رئيس الحكومة المدعوم من النهضة هشام المشيشي تعديلا وزاريا بإيعاز من الحركة الإخوانية، لكن قيس سعيد رفض أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية، متحججا بشبهات فساد وتضارب مصالح تلاحق أربعة من الوزراء الجدد، وهو ما رفضه رئيس الوزراء، ما أشعل الأزمة.