برلماني تونسي يتحدث لـ"العين الإخبارية" عن ثورة تشريع ومحاكمة "النهضة"
بين لوم بشأن مسار وصفه بـ"المتعثر" لمحاكمات قادة جماعة الإخوان، وتعهدات بثورة تشريعية، أطلع البرلماني التونسي ياسر القوراري "العين الإخبارية" على المشهد الحالي في بلاده.
واعتبر القوراري وهو رئيس لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي، أن مسار المحاسبة في تونس ما زال متعثرا ويسير بخطى بطيئة نسبيا.
ودعا في مقابلة مع "العين الإخبارية" للإسراع في كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في حق الشعب التونسي وعلى رأسهم قضية الاغتيالات السياسية.
وبدأت تونس خلال الشهور الماضية ملاحقة قادة حركة النهضة الإخوانية قضائيا في جرائم فساد وإرهاب، وطالت هذه الجهود زعيم الحركة راشد الغنوشي الموقوف حاليا مع عدد من قادة الجماعة المصنفة إرهابية في عدد من الأقطار العربية.
وأكد القوراري أن ملف اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي ينتمي إليه، هو ملف له أولوية ولا بد من كشف جميع الحقائق بشأنه.
وثمن القوراري إصدار مذكرة إيداع بالسجن في حق الغنوشي الأسبوع الماضي في قضية الجهاز السري التي قدمتها ضده هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وسجل بداية تعافي السلطة القضائية من "مخلفات قضاء نور الدين البحيري (قيادي إخواني شغل منصب وزير العدل في حكومة حمادي الجبالي بين 2011 و2013 ووزيرا معتمدا في حكومة علي العريض حتى 2014) وعشرية الخراب"، مجددا دفاعه عن سلطة قضائية مستقلة قادرة على إقامة العدل والإنصاف وحماية الحقوق والحريات، داعيا من جديد إلى ضرورة الإسراع في محاسبة رموز العشرية الماضية.
وهيمنت جماعة الإخوان على مفاصل الحكم في تونس على مدار العقد الماضي، وسط غضب شعبي من الأداء السياسي للجماعة والذي أدى إلى أزمات اقتصادية عميقة.
وأكد البرلماني التونسي أنه" لا يمكن أن ننسى كل ما يتعلق بالجرائم المرتكبة طيلة حكم الإخوان من قضية الاغتيالات السياسية واغتيال الأمنيين والعسكريين وتفكيك مؤسسات الدولة، وضرب وحدة المجتمع التونسي. "
وتابع: "حزب الديمقراطيين الموحد الذي أنتمي إليه، هو أكثر حزب تضرر من العشرية الماضية حيث خسر أمينه العام شكري بلعيد الذي اغتالته يد الغدر في 6 فبراير/شباط 2013".
وزاد " لكن إلى جانب قضيتنا، يجب فتح كل الملفات التي مست التونسيين في علاقة بالفساد وإرجاع حقوق الشعب التي افتكت خلال العشرية الماضية".
وأضاف" كما يجب إعادة الأموال المنهوبة والتي سرقت زمن حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي (1987-2011) والتي لم يعد منها إلا الفتات".
صورة أخرى للبرلمان
ورأى القوراري أن البرلمان الجديد يعمل على إعادة ثقة الشعب في هذه المؤسسة قائلا: "نشتغل على إعطاء صورة أخرى للبرلمان".
وأوضح أنه طيلة الـ10 سنوات الأخيرة إلى حدود حل البرلمان في 25 يوليو/تموز 2021، أصبح التونسيون يحملون صورة سيئة عن هذه المؤسسة التشريعية بعد مشاهد الصدام والعراك والسباب والضرب التي حصلت داخله بسبب الخلافات الأيديولوجية.
وأكد أن البرلمان أصبح من مؤسسة تخدم مصالح التونسيين إلى مؤسسة معطلة للحياة السياسية والشأن العام.
وأشار إلى أنه "من خلال البرلمان الجديد، نسعى لرسم صورة أخرى، عبر تأسيس برلمان ناجز يستجيب لتطلعات الشعب عن طريق وضع تشريعات تنظم حياته وتخدم مصالحه".
وتابع أنه في السابق، كانت مشاريع القوانين مخبأة في الرفوف لمدة سنوات دون أن يتم فتحها، وكان البرلمان برلمانا لرجال الأعمال، تباع فصوله التشريعية لخدمة مصالحهم".
أولويات البرلمان
وأكد القوراري أنه من أولويات البرلمان إرساء المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء وتغيير القانون المتعلق بالصكوك البنكية.
وأكد أنه يتم حاليا الاشتغال على تغيير الفصل 411 من المجلّة التجاريّة المتعلّق بقضايا الصكوك البنكية مشيرا إلى أن لجنة التشريع العام ستنطلق في سلسلة من جلسات الاستماع إلى حين تلقي مشروع القانون من رئاسة الجمهوريّة.
وتتجه سلطات تونس نحو تخفيف الإجراءات القضائية المتعلقة بقضايا الشيك بدون رصيد استجابة لدعوات مئات الآلاف من التونسيين الملاحقين في هذا النوع من القضايا وآخرين يقبعون في السجون لعدم القدرة على الخلاص أغلبهم من صغار المستثمرين.
وفي منتصف شهر مايو/أيار، تحدّث الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء جمعه بوزيرة العدل ليلى جفال عن مشروع قانون يتعلّق بإجراء تغيير على الفصل 411 من المجلة التجارية.
وتنص المادة 411 من القانون التجاري التونسي بأن "يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية (غرامة) تساوي 40% من مبلغ الشيك أو من باقي قيمته على أن لا تقل عن 20% من مبلغ الشيك أو باقي قيمته كل من أصدر شيكاً ليس له رصيد سابق وقابل للتصرف فيه أو كان الرصيد أقل من مبلغ الشيك أو استرجع بعد إصدار الشيك كامل الرصيد أو بعضه".
وأكد القوراري ضرورة سن قوانين تستجيب لتطلعات المواطن وحاجياته مع مراقبة حسن تنفيذها، وكذلك تنقيح القوانين التي لم تعد متناغمة مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار إلى أن البرلمان الجديد سيقوم بثورة تشريعية حيث يعتزم تعديل وتغيير القوانين البالية التي لم تعد تتلاءم مع ما يريده الشعب التونسي.
وأكد أن البرلمان الجديد أحدث ورشة تفكير جماعي منفتحة على المواطن والمجتمع المدني موضحا أنه تم تخصيص لجنة مصغرة تُعنى بدراسة كل العرائض لدراسة المشاكل القانونية التي تعطل مصالح المواطنين.
وأوضح أن اللجنة المصغرة ستعنى طيلة العهدة النيابية في النظر في عرائض المواطنين وتلخيصها وعقد يوم دراسي حول تلك العرائض لمعرفة الإشكاليات القانونية التي تعترض التونسيين وعرضها على النواب من أجل تعديلها أو تغييرها .
aXA6IDMuMTMzLjE0MC44OCA=
جزيرة ام اند امز