إخوان تونس و«اتحاد الشغل».. «تكتيك الحرباء» لم ينه «سنوات العداء»

من يصنفونه عدوا قد يحولونه فجأة لخانة الحليف والعكس صحيح، والمسافات عندهم تُحسب بما يمكن أن توفره لهم من مصالح ومكاسب.
هكذا هم إخوان تونس، الجماعة التي تتلون كحرباء بحسب مد الأحداث وجزرها، وهذا ما يدفعها اليوم لمد يدها لمن كانت تعتبره حتى وقت قريب ألد أعدائها: الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في تونس.
فقبل ساعات من موعد تحرك احتجاجي دعت إليه المركزية العمالية، أعلن إخوان تونس انضمامهم للمظاهرات المرتقبة في وقت لاحق الخميس، أملا في إعادة التموقع من جديد.
«توظيف رخيص»
دعا رفيق عبد السلام، القيادي بحركة النهضة الإخوانية، وهو أيضا صهر زعيم الجماعة راشد الغنوشي، أنصاره للانضمام لمسيرة «اتحاد الشغل».
وزعم عبد السلام في منشور عبر حسابه بموقع فيسبوك: «الآن ليس وقت تصفية حسابات صغيرة والدخول في صراعات ومهارشات (مهاترات) الماضي القريب أو البعيد، بل وقت فهم متطلبات اللحظة ومقتضيات المرحلة».
وأضاف: «وهذا يعني أن على الجميع واجب الاصطفاف، المطلوب مشاركة الجميع في تحركات الغد دفاعا عن الحرية والدبمقراطية للجميع مع المطالبة بتصحيح خيارات الاتحاد وعودته لدوره الطبيعي».
ولم يتأخر رد النقابة العمالية كثيرا، حيث قال أمينها العام المساعد سامي الطاهري في منشور عبر فيسبوك، إن «ما يكتبه وزير النسب رفيق عبد السلام هجين ووضيع وتوظيف رخيص وحقير».
وتوجه لعبد السلام قائلا «استمتع بمنتجعات الخارج واصرف ما جمعته من الغنيمة واترك البلاد بعيدا عن شرورك.. الاتحاد لا يتشرف بمساندتك فقد أهدرت أنت وأمثالك الثورة ورهنتموها».
وكانت الهيئة الإدارية للاتحاد قد أعلنت في بيان الأسبوع الماضي، أنها قررت تنظيم تجمّع وطني في ساحة محمد علي بالعاصمة، تعقبه مسيرة سلمية باتجاه شارع الحبيب بورقيبة، اليوم الخميس.
وأوضحت أن الخطوة ستأتي احتجاجاً على ما قالت إنه «اعتداء نفذه مناصرون للرئيس قيس سعيد» على مقر الاتحاد في الثامن من الشهر الجاري.
الإخوان على الخط
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن الإخوان يريدون الركوب على الأحداث أملا بالاندساس بين المحتجين في الشارع رغم نبذهم من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي ينتمي أغلب قياداته وكوادره وأنصاره للتيارات اليسارية.
وقال الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري إن «الغاية من دعوة رفيق عبد السلام الذي كان يشغل منصب وزير خارجية أسبق في حكومة الإخوان وهو صهر الغنوشي زوج ابنته سمية، لا تصب في مصلحة الاتحاد أو العمال ولا لجلب مكاسب للعمال، وإنما غايته توظيف مطالبهم خدمة لحركة النهضة».
وأوضح غواري، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «حركة النهضة تعودت توظيف أي حريق اجتماعي لاختراق المحتجين من أجل إعادة التموقع في الساحة السياسية وتبني مطالب سياسية في محاولة لإسقاط النظام».
وأشار إلى أن «الإخوان يسعون لإشعال النار بين المنظمة النقابية والسلطة التي تسعى لفتح ملفات فساد يشتبه تورط عدد من النقابيين فيها».
وبحسب الخبير، فإن الجماعة التي فقدت شعبيتها تريد أن تثبت وجودها في هذه المسيرة التي سيشارك فيها آلاف النقابيين، لافتا إلى أنها «تعمل على مزيد تأجيج الأوضاع وإرباك الوضع مستغلة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية أملا في العودة للساحة السياسية».
شرارة الأزمة
في الثامن من أغسطس/آب الجاري، شهد محيط مقر اتحاد الشغل بالعاصمة تعزيزات أمنية بعد أن تجمهر عشرات المحتجين إثر إضراب لوسائل النقل شل الحركة في العاصمة.
وحينها، حمّل اتحاد الشغل، في بيان، المحتجين مسؤولية محاولة اقتحام مقره المركزي في العاصمة تونس.
فيما رد الرئيس التونسي قيس سعيد إثر ذلك قائلا «لم تكن نية المحتجين الاعتداء ولا الاقتحام كما تروج لذلك ألسنة السوء»، متسائلا «ألم يدرك هؤلاء أن الشعب لم تعد تخفى عليه أدق التفاصيل؟».
وأضاف سعيد أن «تزامن الأحداث في المدة الأخيرة ليس من قبيل الصدفة على الإطلاق»، مشيرا إلى أن «الشعب التونسي مصر على أن يمر إلى الأمام بالرغم من هذه الأكاذيب التي لا يصدقها أحد».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTIyIA== جزيرة ام اند امز