في بن قردان التونسية.. «أضواء الثورة» تحاصر داعش والإخوان
في مهدها، اعتادت تونس الاحتفال بذكرى ثورتها، لكنها هذا العام تكسر تقليدها لتحول البوصلة إلى المدينة التي شهدت ملحمة ضد الإرهاب.
واليوم الثلاثاء، احتفلت تونس بعيد ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، بمشاركة حشود من المواطنين عبروا عن تأييد كبير للمسار الإصلاحي للرئيس قيس سعيد بعد تطهير البلاد من حكم الإخوان.
وفي التاريخ المذكور، اندلعت الشرارة الأولى من الاحتجاجات التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي بعد 23 عاما قضاها في الحكم.
- المنصف المرزوقي.. «رئيس الصدفة» وسيلة الإخوان لزعزعة استقرار تونس
- انتخابات الرئاسة 2024.. عبرت تونس و«سقط» الإخوان
وبدأت شرارة الثورة بعد أن أضرم بائع الخضر محمد البوعزيزي النار في جسده أمام مقر محافظة سيدي بوزيد احتجاجا على التهميش والفقر، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة ضد الحكومة انتهت بالإطاحة بها.
وبالسنوات التي تلت الأحداث، دأبت تونس على إحياء ذكراها في مهدها أي في سيدي بوزيد، لكن سعيد اختار هذا العام الاحتفال بعيد الثورة خلافا لما هو معتاد، بزيارته إلى مدينة بن قردان من محافظة مدنين (جنوب شرق).
التصدي للإرهاب.. أولوية
يرى مراقبون أن اختيار الرئيس لمدينة بن قردان للاحتفال بعيد الثورة هو رسالة ذات خلفية رمزية للتأكيد على أن بلاده في استعداد تام للتصدي لأي محاولات إرهابية من أي طرف كان، سواء من داعش أو من الإخوان.
وفي 7 مارس/ آذار 2016، حاول إرهابيون إقامة ما تسمى "إمارة الخلافة" بمدينة بن قردان على الحدود مع ليبيا، قبل أن تدخل قوات الأمن التونسي في اشتباكات معهم استمرت حتى الـ9 من الشهر نفسه.
وخلال تلك الأحداث التي اصطلح الإعلام التونسي على تسميتها بـ«الملحمة»، تم القضاء على 50 إرهابيا وألقي القبض على 7 آخرين، فيما قتل 14 عسكريا وأمنيا ومدنيا وجرح مواطن.
وقال المحلل السياسي التونسي حمدي الصديق إنه منذ اندلاع الثورة، تحتفل الجهات الرسمية في تونس بالعيد في محافظة سيدي بوزيد باعتبارها مهد الثورة.
ويوضح الصديق، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «الاحتفال بعيد الثورة الرابع عشر في بن قردان هو سابقة»، معتبرا أنه «خيار ذو خلفية رمزية لمدينة تعتبر رمزا للتصدي للإرهاب الداعشي الذي حاول السيطرة على المدينة».
وتابع: «كما تتزامن هذه الزيارة مع الأخبار المتداولة حول إمكانية عودة الإرهابيين التونسيين الذين تم الإفراج عنهم من السجون السورية»، مشددا على أن قيس سعيد يريد من خلال هذه الزيارة أن يقول إن سلطات بلاده في يقظة تامة للحفاظ على أمنها.
وبحسب الخبير، فإن «تونس التي تصدت سنة 2016 لداعش في بن قردان ستتصدى له مجددا في حال عودة التنظيم».
ولفت إلى أن «داعش مجرد امتداد للفكر الإخواني»، مؤكدا وجود علاقات عضوية بين المعسكرين حيث يتبنى كل طرف منهما الخطاب التكفيري الإقصائي.
الإرهاب والإخوان
منذ 2023، تعمل تونس على تفكيك ملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر الذي يعتبر من أكثر الملفات تعقيدا وتشعبا، وذلك بالتنسيق مع السلطات السورية.
وفي إفادة سابقة أمام البرلمان، قدّر وزير الداخلية التونسي الأسبق، الهادي المجدوب، عدد الإرهابيين التونسيين الموجودين في بؤر التوتر بنحو 2929 شخصا.
ومنذ سبتمبر/ أيلول 2022، فتح القضاء التونسي من جديد ملفات قضايا تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عامي 2012 و2013، وطالت تحقيقاته الموسعة مسؤولين أمنيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وسياسيين مقربين من حركة النهضة الإخوانية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلن الرئيس التونسي أن موعد انطلاق الثورة التونسية في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، هو عيد الثورة الحقيقي، وليس 14 يناير/ كانون الثاني الذي شهد هروب الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي ومغادرته أرض الوطن، وسقوط نظامه بالكامل.
aXA6IDE4LjExOS4xNDAuMjUyIA== جزيرة ام اند امز