بالزغاريد والدموع.. تونس تودع رئيسها
جنازة وطنية للرئيس التونسي الراحل، وموكب تشييع مهيب، بدأت مراسمه نحو الساعة 11 صباحا بالتوقيت المحلي (10.00 بتوقيت جرينتش).
بالزغاريد والدموع والتصفيق والنشيد الوطني، شيع التونسيون، السبت، جثمان رئيسهم الباجي قايد السبسي إلى مثواه الأخيرة بمقبرة "الجلاز" بالعاصمة تونس.
جنازة وطنية للرئيس التونسي الراحل، وموكب تشييع مهيب، بدأت مراسمه نحو الساعة 11 صباحا بالتوقيت المحلي (10.00 بتوقيت جرينتش)، انطلاقا من قصر الرئاسة بالضاحية الشمالية، باتجاه المقبرة التي تقع بمنطقة سيدي البشير بالعاصمة.
يوم حزين على تونس، اختار فيه قادة ومسؤولون من العالم مشاركة التونسيين مصابهم، وحضور مراسم تشييع جثمان الرئيس، بينهم ملك إسبانيا فيليب السادس، والرؤساء الفرنسي إيمانويل ماكرون، والبرتغالي مارسيلو دي سوزا، والفلسطيني محمود عباس، والجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
أما ما ميز موكب الجنازة، فكان الحضور الكثيف للمواطنين ممن أصروا على توديع رئيسهم، اصطفوا على جنبات الطريق الفاصلة بين قصر قرطاج والمقبرة، والممتد على مسافة نحو 20 كيلومترا، غير مبالين بدرجات الحرارة المرتفعة، وطول مدة انتظار وصول موكب الرئيس.
وتعالت الزغاريد ممزوجة بالدموع، وارتفعت الأيادي بالتصفيق، وصدحت الحناجر بالهتافات، وامتدت السواعد، البعض منها يحيي بشكل عسكري الرئيس، والبعض الآخر يلوح له مودعا.
وما بين الدموع والتصفيق، بدا جليا الحضور النسائي اللافت ضمن التونسيين، وهو ما لا يعتبر أمرا غريبا بالنسبة لرئيس حاز على نسبة كبيرة من أصوات النساء بانتخابات 2014.
وبوصول الموكب إلى قلب العاصمة، انضمت إليه تشكيلة من الفرسان التابعين للجيش، لتشييع جثمان الرئيس إلى مثواه الأخير.
وعلى جنبات شارع محمد الخامس، أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة، ردد التونسيون شعارات وهتافات «تحيا الجمهورية.. تحيا تونس»، قبل أن يتوجه الموكب باتجاه شارع الحبيب بورقيبة، القلب النابض للعاصمة، بكل ما يختزله من رمزية «الأب الروحي» للجمهورية التونسية، والرئيس الذي تقلد في عهده السبسي عدة مناصب هامة.
مر الموكب بجانب تمثال بورقيبة الذي أعاده السبسي عقب تقلده الرئاسة إلى مكانه عقب إزاحته إثر احتجاجات 2011.
السبسي، ذلك السياسي المشبع بالقيم الليبرالية التقدمية، والرجل الذي يقف شاهدا على تاريخ تونس الحديث في مختلف محطاته، والسياسي الذي جاء إلى قصر الرئاسة في واحدة من أصعب مراحل تونس، واستطاع رغم ذلك الحفاظ على ذلك الخيط الرفيع الذي أمن للبلاد نوعا من الاستقرار في مواجه الإخوان.
شكل صدا منيعا في وجه مخططات فرع الجماعة الإرهابية بتونس، وكان أملا للمواطنين في وجه ذلك الغزو الظلامي الذي اجتاحهم قبل 8 سنوات.
يتجه السبسي اليوم نحو مثواه الأخير، محمولا على متن عربة عسكرية، في جنازة رسمية مهيبة تليق بمسار سياسي مخضرم ظل حتى لحظاته الأخيرة متمسكا بالحرية، رافضا للمشاريع الظلامية، مؤمنا بحقوق المرأة، مصرا على مدنية الدولة ومؤسساتها.