عبدالكريم سليمان.. الفساد يفك شفرة "لغز" إخوان تونس
مذكرة إيداع بالسجن تفك شفرة عبدالكريم سليمان، القيادي "اللغز" بإخوان تونس، وترفع وتيرة عاصفة تنذر بإسقاط أوراق التنظيم الإرهابي.
وفي ضربة موجعة للمنظومة المالية لإخوان تونس، أطاحت السلطات التونسية بسليمان بعد إصدار مذكرة اعتقال بحقه على خلفية اتهامات بالفساد طيلة العشرية التي حكم فيها التنظيم.
ويرى مراقبون أن الإطاحة بعبد الكريم سليمان ستحصد رؤوسا أخرى كثيرة تفنّنت في الإجرام طيلة العشريّة السوداء.
وفي وقت سابق الأربعاء، أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي (محكمة مختصة) مذكرات إيداع بالسجن بحق ثلاثة من إخوان تونس، من بينهم العضو بجمعية "نماء تونس" عبدالكريم سليمان، على خلفية أجل جرائم تعلقت بتبييض الأموال ومخالفة قوانين الصرف. وشملت مذكرات الإيداع أيضا تاجرا و"صراف" عملة.
كما قرر قاضي التحقيق الإبقاء على حالة سراح لثلاثة متهمين آخرين، من بينهم باعث عقاري (صاحب شركة عقارات) وقيادي إخواني مع حظر السفر عليهم إلى حين استكمال التحقيقات بخصوص الملف المتعلق بتبييض الأموال.
بينما من المنتظر أن يتولى قاضي التحقيق، غدا الخميس، استجواب أربعة متهمين آخرين أحيلوا على أنظاره.
كما أمر القطب القضائي المالي بإدراج 5 متهمين آخرين، من بينهم معاذ الغنوشي نجل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في التفتيش (لوائح الشرطة الدولية) على خلفية شبهات "غسل الأموال"، باعتباره مقيما في بريطانيا.
كما ستشمل التحقيقات شخصيات أخرى متهمة في شبهات "غسل الأموال".
وطيلة العشرية الماضية، تلقى حزب النهضة الإخواني أموالا من الخارج لدعم الجماعات الإرهابية والعديد من الجمعيات والمنظمات التي تنشط تحت راية الإسلام السياسي، وأبرزها ما يعرف بـ"اتحاد علماء المسلمين" الذي أسسه منظر الإخوان الراحل يوسف القرضاوي، وجمعية نماء تونس وجمعية مرحمة وغيرها.
اللغز
قبل أيام، أوقفت الشرطة سليمان على خلفية اتهامه بتبييض الأموال، حيث يشتبه بتورطه في الحصول على تدفقات مالية مشبوهة من الخارج بعد يناير/كانون الثاني 2011.
وتُقدر الأموال التي حصل عليها سليمان بأكثر من 100 مليون دينار (نحو 30 مليون دولار)، قبل إيداعها بالداخل تحت واجهة شركات بطرق معقدة، بالإضافة إلى امتلاكه عقارات عديدة تقدر قيمتها بملايين الدينارات التونسية.
وعبد الكريم سليمان هو الاسم "اللّغز"، والقيادي في جماعة "النهضة"، وأحد رجالات راشد الغنّوشي المقرّبين والمسؤول عن أموال التنظيم مجهولة المصدر في تونس.
تمّ إلقاء القبض عليه فجر السبت الماضي في مدينة المنستير الساحلية (شرق) بينما كان متحصّنا بالفرار، من أجل تبييض الأموال، وهو المشمول بالبحث في ملفّات خطيرة ذات صلة بالأمن القومي التونسي، منها قضية جمعية نماء الخيرية ذات الصبغة الإرهابية والتي يشتبه تورطها بملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر.
ضربة موجعة
وفي تعليق على التطورات، قال الصحبي الصديق، المحلل السياسي التونسي، إن الإطاحة بعبد الكريم سليمان تشكل ضربة موجعة للمنظومة الماليّة للإخوان في تونس، مشددا على أن الإطاحة به ستطيح برؤوس أخرى كثيرة أجرمت في حق الشعب التونسي.
ويرى الصديق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن رؤوس إخوان تونس سيسقطون الواحد تلو الآخر بعد فتح ملفاتهم وجرائمهم من غسل أموال وتسفير الإرهابيين والتآمر على أمن الدولة والتجسس والاغتيالات.
وأشار إلى أن أموال حركة النهضة متأتية أغلبها من الخارج من تنظيم الإخوان العالمي وكانت تدخل عن طريق جمعيات تسمي نفسها خيرية لعل أبرزها جمعية "نماء" التي يمثل عبد الكريم سليمان أحد قياداتها البارزة وكان يتخفى تحت رايتها.
وبحسب الخبير، فإن "هذه الجمعيات ساهمت على مدى سنوات في تمويل النشاط المعلن وغير المعلن للحركة وساعدت في تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر ومنحهم أموالا طائلة من أجل القتل وسفك الدماء".
ولفت إلى أن النهضة لديها 3 أجهزة سرية يترأسها راشد الغنوشي، وهي جهاز مالي، وآخر عسكري، وثالث مخابراتي، ما جعل الحركة تتغلغل داخل دواليب الدولة بسهولة ونفث سمومها.
والثلاثاء، جمدت تونس أرصدة وحسابات مالية لأكثر من 100 قيادي ورجل أعمال تابعين لحركة النهضة الإخوانية، على خلفية القضايا المرتبطة بـ"غسل الأموال"، والمتورط فيها قيادات سابقة ومنتسبون لحزب النهضة ورجال أعمال، بالإضافة إلى جمعيات إخوانية تورطت في ملف تسفير الشباب إلى بؤر التوتر.
بداية القضية
في مطلع فبراير/ شباط الماضي، كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي (تم اغتيالهما عام 2013)، خلال مؤتمر صحفي، وثائق تورط حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي في الاغتيالات السياسية التي طالت عدداً من النشطاء السياسيين.
وحينها، كشفت التحقيقات في قضية الاغتيال تورط الغنوشي ونجله وآخرين في جرائم غسل الأموال والقيام بتحركات مالية مشبوهة مع أطراف من الخارج لتمويل عمليات تسفير شبان تونسيين إلى سوريا للالتحاق بمعسكرات "داعش" فضلاً عن الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والتجسس على التونسيين.
وقال رئيس هيئة الدفاع رضا الرداوي إن "مسيرة زعيم الإخوان راشد الغنوشي في خيانة هذا الوطن بدأت قبل 2011"، مشيرا إلى أن "جمعية تحمل اسم نماء تونس تأسست خلال 2011، بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية، إلا أنها تورطت في جرائم تسفير الإرهابيين إلى مناطق النزاع والحروب".
وأكد أن تحقيقات أولية فتحت سرعان ما لاحقتها يد حركة النهضة عبر ذراعها في القضاء القاضي بشير العكرمي، مما أدى إلى إيقاف المسار، مشيرا إلى أن الجمعية كانت تتخذ من "تشجيع الاستثمار" غطاء لها، فيما "كان دورها الأساسي إدارة معركة التسفير إلى بؤر الإرهاب عبر مبالغ مالية تضخ في حسابها".
وفي يوليو/ تموز الماضي، قرّر القضاء التونسي تجميد أرصدة راشد الغنوشي ونجله معاذ وصهره رفيق عبد السلام وعدد من أفراد عائلته وقيادات النهضة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
aXA6IDUyLjE0LjE4Mi4yMSA= جزيرة ام اند امز