تونس في 2022.. قمم ناجحة بعد إزاحة حكم الإخوان
عاشت تونس عام 2022 على وقع انفتاح دولي بعد إزاحة تنظيم الإخوان من الحكم، وانعكس ذلك عبر تنظيمها قمتين مهمتين.
القمتان هما قمة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا (تيكاد 8)، والقمة الفرنكوفونية، واللتان تنفست بهما تونس الصعداء بانفتاح عالمي أسفر عن نجاحهما في فترة جديدة من تاريخها.
- رئيس تونس عن الإخوان: سيحترقون بالنار التي أشعلوها
- برلمان الإخوان ومسار 25 يوليو.. تونس من "اليأس" إلى الإصلاح
جاء ذلك بعد بدء الرئيس التونسي قيس سعيد تأسيس الجمهورية الجديدة، إثر إزاحة برلمان الإخوان وإقالة حكومة هشام المشيشي، ووضع دستور جديد يقطع مع دستور سنة 2014 الإخواني.
تيكاد 8
ونظمت تونس قمة تيكاد 8 يومي 27 و28 أغسطس/آب 2022 بمشاركة مسؤولين ورجال أعمال ومنظمات دولية وقادة من 48 دولة.
وبمناسبة انعقاد قمة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا، وافقت اليابان على منح تونس تمويلا قيمته 100 مليون دولار، للتخفيف من آثار جائحة كورونا إضافة لعقد شراكات اقتصادية بين البلدين لدعم الاستثمار.
وقمة "تيكاد" ملتقى متعدد الأطراف يضم اليابان والبلدان الأفريقية والمنظمات الدولية، والبلدان الشريكة في التنمية والمؤسسات.
وشارك بالقمة 300 رجل أعمال، 100 منهم من اليابان يمثلون أكبر 50 مؤسسة اقتصادية يابانية وعالمية، و100 رجل أعمال أفريقي، و100 رجل أعمال تونسي. ومن بين المشاركين أيضا وفد عن البنك الأفريقي للتنمية ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدّولي والاتحاد الأفريقي ومنظمة الأمم المتحدة.
ومنذ 1993، بادرت اليابان بتنظيم مؤتمر "تيكاد" بهدف تسريع الحوار السياسي بين مختلف القادة الأفارقة وشركاء التنمية، حول التحديات التي تجابه القارة.
ووضع الرئيس التونسي قيس سعيّد كامل جهوده من أجل إنجاح قمة "طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا"، وراهن عليها كثيراً باعتبارها أول قمة من نوعها تحتضنها تونس خلال توليه رئاسة الجمهورية، إضافة إلى البعد الإقليمي لهذه القمة.
قمة الفرنكوفونية
وفي نجاح دبلوماسي آخر عاشت على وقعه تونس خلال سنة 2022، انتظمت القمة 18 للفرنكوفونية بتونس يومي 19 و20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في جزيرة جربة التونسية، جنوب شرقي البلاد، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وبمشاركة حوالي 90 وفداً و31 من القادة الكبار.
وراهنت تونس على احتضانها القمة الفرنكوفونية للتسويق لاستقرار الأوضاع في البلاد، فضلاً عن رغبتها في عقد شراكات اقتصادية خلال القمة مع الضفة الأخرى للمتوسط.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال القمة لنظيره التونسي قيس سعيد، أن بلاده ستمنح قرضاً قيمته 200 مليون يورو لتونس التي تمر بأزمة اقتصادية عميقة تفاقمت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، كما جدد ماكرون دعم فرنسا لتونس والشعب التونسي في مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد".
تشويش إخواني
وخلال هاتين القمتين حاول إخوان تونس التسلل لإحداث الفوضى والبلبلة لإفشالهما، لكن كل محاولاته باءت بالفشل.
وقد أشهرت حركة النهضة الإخوانية في وجه القمة الفرنكوفونية سلاح الفوضى، حيث قامت باستغلال مظاهرات احتجاجية كانت في طريقها إلى جزيرة جربة، شاركت فيها عائلات مفقودين ابتلعتهم أمواج الهجرة غير الشرعية، قبالة سواحل مدينة جرجيس، جنوب شرقي تونس، في سبتمبر/أيلول الماضي.
وعشية الانطلاق الفعلي للقمة يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فرّقت الشرطة التونسية موكبا لأهالي الضحايا العشرة، ومواطنين وتلاميذ على متن سيارات خاصة ودراجات نارية نحو جزيرة جربة، للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم بعد غرق المركب.
وسبق أن دعا نواب الإخوان في البرلمان المنحل إلى تأجيل تنظيم هذه القمة وتحويلها إلى دولة أخرى.
كما أقرّ الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (المتحالف مع الإخوان) سابقا، بأنه كان أحد المتدخلين لدى الدول لإلغاء القمة الفرنكوفونية.
وكانت هذه القمة مقررة في جربة يومي 12 و13 ديسمبر/كانون الأول 2020، لكنها أُرجئت بسبب جائحة "كورونا" إلى 20 و21 نوفمبر/تشرين الثاني لسنة 2021، قبل أن تتأجل مجددا إلى 19 و20 شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وقبل الإعلان عن تأجيل القمة حينها، كشف الرئيس التونسي قيس سعيد عن وجود ضغوط من قبل تونسيين على عواصم غربية لسحب تنظيم القمة الفرنكوفونية من بلاده.
وقال الصحبي الصديق المحلل السياسي إن "تونس نجحت في إنجاز هاتين القمتين لوجستيا وأمنيا ودبلوماسيا لتثبت للعالم بأنها قادرة على الفعل عكس ما يروجه إخوان تونس وبيادقهم، بأن قيس سعيد أصبح معزولا خارجيا، بعد حله البرلمان الذي كان أداة للتلاعب بالقوانين وشراء الذمم وبيع الأصوات وكان مسرحا للعنف والإرهاب".
وأكد في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "هاتين القمتين كانتا فرصة لإبراز صورة تونس التي تم تشويهها طيلة العشرية الأخيرة".
وأوضح أن "قيس سعيد استطاع توثيق العلاقة بين تونس واليابان في هذه المرحلة بالذات من خلال قمة (تيكاد 8)، حيث سعى إلى أن تتجاوز هذه العلاقة التقاطعات الظرفية لتصبح علاقة استراتيجية، خصوصا في الجانب الاقتصادي".
من جهة أخرى، قال حسن التميمي الناشط والمحلل السياسي التونسي، إن "تونس بعد إزاحة الإخوان أصبحت اكثر انفتاحا دوليا ولأول مرة تنظم قمتين عالميتين خلال سنة واحدة".
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" أنه "بالرغم من محاولات الإخوان لإحراج الرئيس قيس سعيد وإضعاف موقفه داخليا وخارجيا، إلا أن حضور رؤساء دول أجنبية ووفود من جميع دول العالم خلال هاتين القمتين هو إثبات لدعم مسار الإصلاح الذي يقوده سعيد.
وأثنى على أهمية احتضان تونس قمة الفرنكفونية وقمة طوكيو في النصف الثاني من سنة 2022، وأهمية التطلع إلى ما بعد هذا الحدث وما يمكن الاستثمار فيه من أجل بلد يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية.
وأكد أن تونس سعت من خلال هذا الانفتاح الدولي إلى تعزيز تموقعها على مستوى السوق الأفريقية والأوروبية.
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuNDAg جزيرة ام اند امز