مسبح "وادي الباي".. ملاذ أهالي "قفصة" لمواجهة حرارة الصيف
يلجأ أهالي مدينة قفصة وسط غربي تونس إلى المسبح التاريخي "وادي الباي" لمجابهة حرارة الطقس التي تجاوزت 50 درجة في المنطقة.
وهذا المسبح هو حوض روماني موجود بمحافظة بقفصة، وهو معلم أثري تاريخي يعود للحقبة الرومانية يتكون من مجموعة أبنية أقيمت حول منابع مياه غزيرة.
ويتكون هذا الحوض من 3 أحواض، 2 بدون غطاء، والثالث مسقوف بقبتين، وتربط بينها قنوات تحت الأرض، وتخرج المياه من منابع في أرض الأحواض نفسها.
ويبلغ طول الحوض الرئيسى قرابة 6 أمتار، وعرضه 3 أمتار، وارتفاعه بين المترين والثلاثة أمتار، وجدرانه مبنية بأحجار مربعة الشكل تحمل غالبها نقوشا وحروفا رومانية.
و"معبد المياه"، الذي يعرف بالأحواض الرومانية، هو "معلم كان في العهد الروماني تحت حماية إله المياه نبتون و"حوريات المياه"، بحسب نقش لاتيني لا يزال ظاهرًا على الجدار الجنوبي للحوض الصغير"، وفقا للدائرة الجهوية للآثار.
وتستمد محافظة قفصة شهرتها من الأحواض الرومانية التي تتوسط المدينة العتيقة، وكانت حتى أواخر تسعينيات القرن الماضي شريان الحياة الرئيسي للمدينة.
والأحواض الرومانية كانت المتنفّس الوحيد لشباب قفصة من حر الصيف لاستعماله كمسبح، فمياهها عذبة نقية، وللأحواض مكانة كبيرة في نفوس سكان حي الوادي.
وتقول أسطورة توارثها سكان قفصة إن العيون المائية لكي تتدفّق مياهها بغزارة كان على أهل المدينة نحر عجل عند مدرج الأحواض لتزيد العيون المائية من تدفقها لتسهر "حوريات المياه" على سلامة هواة السباحة وحمايتهم من الغرق في الأحواض.
ويقول محمد الهادي القرباع، ناشط بالمجتمع المدني بقفصة، إن الأحواض الرومانية هي الملاذ الوحيد لأهالي قفصة عند الحر.
ويوضح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن أهالي المنطقة يأتون هنا ليستحموا حتى خارج فصل الصيف، مضيفا أن "هذه الأحواض تعكس هوية المدينة بأكملها ويفضلها الأهالي بدلا من التوجه إلى المسابح الاصطناعية، وعددها اثنان في الجهة".
وأكد أن هذه الأحواض تعرضت لعملية قصف إثر المعارك الدائرة بين الجيش الفرنسي والألماني سنة 1943 خلال الحرب العالمية الثانية مضيفا: "كانت هذه الأحواض في السابق يتم تمويلها بمنابع طبيعية وتستعمل مياهها لري الواحات".
وتابع: "سميت هذه الأحواض بوادي الباي نسبة إلى "البايات" الذين حكموا تونس خلال الحقبة العثمانية، حيث كانت السباحة فيها حكرا على البايات والأسرة المالكة والحاكمة خلال زيارتهم لهذه المدينة الجميلة".
وأشار إلى أن قفصة تتميز بعراقة تاريخها الذي تعاقبت ضمنه عدة حضارات، موضحا أن تسمية قفصة هي اشتقاق عربي للتسمية اللاتينية "كابصا"، حيث وجدت بها الحضارة القبصية التي تعود للعصور الحجرية القديمة.
وأضاف: "تمثل جهة قفصة أهم مراكزها. ومثال ذلك "الرمادية" التي يحتضنها جبل العسالة، وهي عبارة عن ربوة من الرماد والحجارة المتفحّمة وقواقع الحلزون والصوان المكشوط، وهي شاهدة على نمط عيش إنسان الحضارة الكبصية وعراقة استقراره بهذه الربوع منذ آلاف السنين، وانتشرت الحضارة الكبصية انتشارا واسعا وأثرت في عدة حضارات أخرى.
وتابع: "يحتوي متحف قفصة على نماذج من أشكال الصوان المتنوعة التي كان يعتمدها إنسان ما قبل التاريخ في أنشطته".
aXA6IDMuMTM3LjE2OS4yMTUg جزيرة ام اند امز