تونس تبتر أذرع الإخوان المالية.. ملف التسفير يطوق «الرجل السري»
تحت ستار العمل الخيري، تدفقت «الأموال المشبوهة» إلى تونس إبان العشرية التي تولت فيها جماعة الإخوان الحكم، إلا أن ساعة الحساب دقت مع قرارات يوليو الاستثنائية.
قرارات في أعقابها، تساقط عناصر الإخوان في أيدي الجهات القضائية، بعد ظهور أدلة تدينهم في قضايا عدة؛ أمس الأربعاء، بعد إصدار قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب (محكمة مختصة) مذكرات إيداع بالسجن بحقّ قائمين على جمعيات خيرية أثبتت الأبحاث تورطها بملف التسفير لبؤر التوتر، الذي يحاكم فيه قيادات إخوانية.
أذرع الإخوان
وقالت حنان قداس، المتحدثة الرسمية باسم قطب مكافحة الإرهاب، إنه «مع تقدم التحقيقات، تم الوقوف على تورط عدة جمعيات في الظاهر نشاطها اجتماعي خيري وفي الباطن تمول عمليات التسفير فيما يعرف بالجناح المالي».
وفي تصريحات إعلامية، قالت قداس، إنه بناء على هذه المعطيات، أصدر قاضي التحقيق عدة مذكرات إيداع بالسجن بحق مسيري وأمناء مال هذه الجمعيات، على غرار جمعية «مرحمة» للأعمال الخيرية.
والجمعية، وفق قداس، كانت تتلقى تمويلات أجنبية ولها علاقات بعدة وكالات سفر متورطة في عملية التسفير، مما استدعى إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحق أمين مال الجمعية والذي شغل المنصب بالفترة الممتدة منذ تاريخ إنشائها إلى عام 2014.
والفترة تتزامن مع ذروة عمليات تسفير الشباب التونسي للقتال ضمن التنظيمات الإرهابية، ولا تزال التحريات جارية للكشف عن كل المتورطين في عمليات التسفير.
أخطبوط مالي
ويرى المحلل السياسي التونسي عبدالمجيد العدواني، أن قضية التسفير كشفت الأذرع السرية للإخوان، وأكدت تورط حركة النهضة في ذلك.
وأوضح المحلل السياسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن التحقيقات توصلت إلى جملة من الإثباتات، أظهرت تورّط وكالات أسفار في تسفير الإرهابيين بتمويل من جمعيات مثل: جمعيتي نماء ومرحمة.
وأشار إلى أن «جمعية مرحمة الخيرية وأمين مالها الاخواني عبدالكريم سليمان هو أحد رجال راشد الغنّوشي المقرّبين، والمسؤول عن الجهاز السري المالي وعن أموال التنظيم مجهولة المصدر في تونس»، على حد قوله.
وبحسب المحلل السياسي، فإن الأموال «التي حصل عليها سليمان قدرت بأكثر من 100 مليون دينار (نحو 30 مليون دولار)، قبل إيداعها بالداخل تحت واجهة شركات بطرق معقدة، بالإضافة إلى امتلاكه عقارات عديدة تقدر قيمتها بملايين الدنانير التونسية».
وأشار إلى أن «هذه الجمعيات أسهمت على مدى سنوات في تمويل النشاط المعلن وغير المعلن للحركة، وساعدت في تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر ».
من جهته، قال المحلّل السياسي التونسي خليل الرقيق، إن قضية التسفير كشفت عن التقاطع السري بين الأجهزة السياسية والأجهزة الجمعياتية والأجهزة الدعوية والمالية، مشدّدا على أنّها من أهم القضايا المنشورة التي تكشف تورط حركة النهضة في تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتّر.
وبحسب المحلل السياسي التونسي، فإن جمعية مرحمة وأمين مالها عبدالكريم سليمان، الذي صدرت في حقّه بطاقة إيداع بالسجن، معروف في جميع القضايا ضدّ حركة النهضة وورد اسمه في اعترافات البرلماني الإخواني السابق عادل الدعداع في قضية جمعية «نماء».
الرجل السري
وأضاف أنّ عبدالكريم سليمان يُعرف بـ«رجل المال السري» لراشد الغنوشي، ضمن «الأخطبوط المالي» لحركة النهضة التي تضمّ جمعيات أخرى على غرار جمعية نماء.
وبحسب المحلل السياسي، فإن «التقاطعات الأمنية في هذه القضية تأتي بناء على وثائق وجوزات السفر المحجوزة حيث تمتّع أشخاص بأكثر من جواز سفر، وأيضا بناء على شهادات عائلات إرهابيين».
وأشار إلى أنّ «والدة أحد هؤلاء الإرهابيين قد اتّصلت بشرطة الحدود والأجانب لتطلب منع ابنها من السفر عبر راس جدير، إلا أنه مع ذلك تمكّن من السفر».
وكان رضا الرداوي، المحامي التونسي وعضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي قال في تصريحات سابقة لـ«العين الإخبارية»، إن الجهاز المالي السري للغنوشي متورط في غسل الأموال، وفي عمليات تسفير الشباب التونسي إلى سوريا للالتحاق بتنظيم داعش، مضيفًا: «الغنوشي باع تونس وترابها مقابل مبالغ مالية من اليورو والدولار، حيث كان هدفه الأساسي تدمير البلاد فقط».
وأوضح: «الظاهر في جمعية نماء، التي تضم مجموعة من الأشخاص مرتبطين بحركة النهضة، أن دورها يكمن في تشجيع الاستثمار، لكن دورها الخفي يكمن في إدارة معركة التسفير عبر مبالغ مالية من الخارج»، مشيرا إلى أن بعض أعضاء الجمعية في علاقة مباشرة براشد الغنوشي الذي باشر هذه الأعمال كاملة.