"الفيرمة".. مسرحية تونسية ترصد الفساد السياسي منذ 2011.. وبطل العمل لـ"العين الإخبارية": "قراءة لما حدث"
احتضن مسرح "الجهات" بمدينة الثقافة وسط العاصمة التونسية عرض مسرحية "الفيرمة (منزل في ضيعة)" للمخرج التونسي غازي الزغباني، ضمن تظاهرة "الخروج إلى المسرح".
وتظاهرة "الخروج إلى المسرح"، يُنظّمها "قطب المسرح والفنون الركحية" بمدينة الثقافة بتونس العاصمة، بالتزامن مع افتتاح الموسم الثقافي الجديد.
التظاهرة تحمل شعار "الخروج إلى المسرح.. الخروج إلى الحياة"، وتشارك بها 6 عروض مسرحية تونسية، بعضُها يُقدَّم للمرّة الأُولى، وتُعرض في فضاءات "مسرح الجهات" و"مسرح المبدعين الشباب" بمدينة الثقافة.
"الفيرمة" هو عمل مسرحي من إنتاج فضاء "الأرتيستو" ومن بطوله محمد حسين قريّع وإباء حملي ويسرى الطرابلسي وأسامة غلام وغازي الزغباني.
في 5 غرف منفصلة، تجتمع 5 شخصيات داخل منزل في ضيعة زراعية "فيرمة"، تطغى على الجميع مشاعر الكآبة والعزلة الموحشة.
وخلال كل مشهد من العرض تسلط الإضاءة على غرفة من الغرف لتكشف للجمهور ما تحمله من أسرار.
كانت الشخصية الأولى هي شخصية الشاب "مجدي" وهو الذي يحلم بتحرير كل العصافير من أقفاصها، لكنه يشعر بالخوف من مواجهة المجتمع والنور والسلطة العليا المتمثلة في الأخ العنيف ليجد نفسه رغم حبه للفن وللحياة منبطحا ومنوّما ومغيّبا عن واقعه.
وفي الغرفة الثانية، تتواجد الزوجة "فارحة" الخاضعة لسلطة الزوج، المغيّبة عما يدور حولها من أحداث، فيما يوجد بالغرفة الثالثة "الطيّب" أو العصا الغليظة للسلطة التي تنفذ الأوامر دون تفكير، والرابعة بها "ميساء" الناشطة الحقوقية الرافضة للظلم والفساد الثائرة على الوضع والمتمردة على الواقع السياسي المتعفن.
4 شخصيات تخضع لجبروت "السيد الأمجد" فهو الزوج المتغطرس والأخ العنيف والسيّد المستبد والفاسد والرئيس الظالم والانتهازي.
شخصيات تعبر عن فئات كثيرة من المجتمع التونسي وربما "الفيرمة" هي الوطن.
عمل مسرحي يتناول بالأساس قضية الفساد السياسي واستعداد السياسيين لفعل أي شيء مهما كان الثمن لتلميع اسمهم وتبييض صورهم من خلال سرد قصة رجل ثري له نفوذ وتأثير كبير في المشهد السياسي.
"الأمجد" يتعرّض لحملة كبيرة من الانتقادات والتشكيك عبر شبكات التواصل الاجتماعي تقودها ميساء الناشطة الحقوقيّة الشابة التي تدير صفحة مشهورة ومتخصصة في فضح ملفات الفساد مما يتعارض مع طموحات الأمجد السياسيّة ويدفعه لتهديدها ومضايقتها حتى يتورّط في اختطافها وإخفائها في ضيعته "الفيرمة".
وينتهي العمل المسرحي بمشهد قتل مجدي للأمجد وتحرير ميساء من الدهليز المظلم، "صحيح حررتك أما بعد ما اغتصبوك" بهذه الجملة يسدل الستار على "الفيرمة".
مجدي وميساء وفارحة والطيّب والأمجد شخصيات مركبة في العمل المسرحي تعبر عن الأنا وتروي قضية وطن وقضية شعب،
وقال غازي الزغباني مخرج وبطل المسرحية لـ"العين الإخبارية" إن تحضير هذه المسرحية استغرق فترة طويلة، حيث اشتغلنا على فترات متعددة ثم توقفنا ثم عدنا، وذلك لأسباب إنتاجية".
وأكد أنه "تم تقديم هذا العمل في عرضه قبل الأول في 15 يونيو الماضي.. وعرض الليلة ضمن تظاهرة الخروج إلى المسرح هو العرض الأول أمام الجمهور".
وأشار إلى أنه تم اختيار موضوع الفساد السياسي لمعالجته في مسرحية "فيرما" باعتباره موضوع الساعة وتعيش على وقعه تونس بعد انكشاف ملفات فساد كبيرة منذ 2011 إلى الآن.
وأوضح أن هذه المسرحية هي قراءة للوضع في البلاد موضحا أن المسرح دائما يرتبط بالواقع لكن طريقة المعالجة المسرحية تتطلب الخيال.
وقال إن شخصيات المسرحية مستوحاة من شخصيات حقيقية وتركيبتها تشبه لشخصيات سياسية ونواب تونسيين موضحا أن هناك شخصيات تطمح للوصول للسلطة ما يجعلها تتورط مع شخصيات أخرى تهدد طموحها السياسي وهذا ما عالجته المسرحية.
وأكد أن "الفيرمة" تعالج على مدار ساعة وعشرين دقيقة الواقع السياسي التونسي، وتقدم نماذج عن شخصيات مرت بالمشهد السياسي منذ الثورة إلى اليوم، "الفيرمة".
ويعد غازي الزغباني من المسرحيين المتمردين الذين يطرحون في أعمالهم العديد من الأسئلة الحارقة والكونية للإنسان حيث تناقش أعماله المسرحية ما يسمى بالثالوث المحرّم، وهو الدين والجنس والسياسة.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز