«أم البلدان».. عرض تونسي يعيد قراءة التاريخ ليستشرف الحاضر (خاص)

ضمن فعاليات الدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي، شهد جمهور المسرح في تونس ليلة فنية خاصة مع عرض مسرحية "أم البلدان"، من إخراج حافظ خليفة، عن نص الكاتب المسرحي عز الدين المدني.
العمل هو تحية فنية للتاريخ التونسي، واستحضارٌ لماضي البلاد بهدف مساءلة الحاضر وطرح تساؤلات حول المستقبل.
وتسلط المسرحية الضوء على مرحلة مفصلية في تاريخ تونس، تعود إلى حكم أبي زكرياء الحفصي (1228-1249 م)، مؤسس الدولة الحفصية، الذي حوّل تونس إلى مركز للخلافة بعد سقوط بغداد، فاستقطب العلماء والأدباء، ووطد أركان الدولة التي غدت ملاذًا لجاليات الأندلس. غير أن خلفه، المستنصر بالله، لم يحسن الحفاظ على هذا الإرث، لتدخل البلاد مرحلة من التدهور.
واستثمر النص الدرامي هذا التباين بين الصعود والانحدار لتقديم قراءة رمزية للحاضر التونسي والعربي، حيث تماهت مشاهد من الماضي مع قضايا معاصرة، بأسلوب يمزج بين الدراما الجادة والفكاهة العارضة.
العمل الذي ضم طاقمًا موسّعًا من الممثلين، منهم عزيزة بولبيار، جلال الدين السعدي، عبداللطيف بوعلاق، ونور الدين العياري، وظّف عناصر السينوغرافيا الرقمية، والإضاءة، والموسيقى، والرقص، لصناعة عرض بصري مميز حمل جمهوره في رحلة فنية تتنقل بين محطات تاريخية وسياسية وإنسانية.
في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أوضح المخرج حافظ خليفة أن المسرحية جاءت ثمرة جهد جماعي مكثف، وهي محاولة لاستعارة الماضي من أجل استيعاب الحاضر، مستشهدًا بما شهدته البلاد خلال فترة ما بعد 2011، والتي وصفها بـ"العشرية السوداء".
وأضاف أن نص المسرحية الأصلي ضم أكثر من 120 شخصية، ما تطلب رؤية إخراجية محكمة لاختزالها دون الإخلال بالتوازن بين العمق الفكري والجاذبية المسرحية. وأكد خليفة في ختام حديثه أن "تونس كانت أم البلدان ولا تزال قادرة على استعادة مكانتها، إن قرر أبناؤها ذلك".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز