تونس تسعى لتسجيل «فن البيزرة» بالهوارية ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي

تخطو تونس خطوة جديدة نحو صون تراثها الثقافي غير المادي، من خلال سعيها لتسجيل فن البيزرة في مدينة الهوارية، شمال شرقي البلاد، ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

وأكد عبدالمجيد بن إبراهيم، رئيس الدورة 56 لـ"مهرجان الساف" بالهوارية، الذي انطلق يوم الجمعة ويتواصل حتى الأحد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أنه تم إطلاق مشروع رسمي لتوثيق وتسجيل هذا الفن التقليدي، الذي يشمل الصيد بـ"الساف" و"البرني" (طائر الشاهين)، في قائمة اليونسكو، باعتباره موروثاً ثقافياً أصيلاً لمنطقة الهوارية.

تشتهر الهوارية، التابعة لمحافظة نابل، بهذا الفن الذي توارثته الأجيال أباً عن جد، ويُعد جزءاً من هوية سكانها. ويُعرف "الساف" في أوساط الأهالي بـ"أمير السماء"، وهو طائر جارح من فصيلة البزاة، يعيش في غابات "بوكتانة" و"سيدي جابر"، ويعشش هناك مع قدوم الربيع قبل أن يهاجر شمالًا نهاية يونيو من كل عام.

ويمثل مهرجان "الساف"، الذي يعود تاريخه إلى عام 1967، مناسبة سنوية لإحياء التقاليد البيزارية، حيث تحتفي البلدة بهذا الطائر عبر عروض استعراضية وموسيقية وشعرية، وتستقبل خلاله مئات الزوار من داخل تونس وخارجها، مما حوله إلى منتوج سياحي ثقافي فريد.

تنقسم مواسم البيزرة إلى مرحلتين: الأولى مخصصة لصيد الطيور الكاسرة والمهاجرة التي تتخذ من الجبال المحيطة بالهوارية موئلاً مؤقتاً، وتحدث خلال شهري مايو ويونيو. أما المرحلة الثانية فتُعنى بتدريب هذه الطيور على صيد العصافير البرية، فيما يُعرف بـ"الصيد المزدوج".

ويتعلم أهالي الهوارية هذا الفن منذ الصغر، ويُعد إتقانهم لفن ترويض الطيور الجارحة تقليداً راسخاً، جعل من الهوارية مقرًا لأهم جمعيات حماية الطيور في تونس.

وخلال أيام المهرجان، تتحول بلدة الهوارية الجبلية، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن العاصمة وتُعد أقرب نقطة لإيطاليا، إلى ساحة احتفال كبيرة، يشارك فيها الأهالي والفرق الفنية المحلية، وتُلقى فيها القصائد التي تُمجّد طائر الساف، وتعكس عمق ارتباط سكان المنطقة به.

ويُذكر أن تونس سبق وأن سجلت 8 عناصر من تراثها الثقافي غير المادي على قائمة اليونسكو، من بينها: فخار سجنان، الكسكسي، النخلة، الهريسة، النقش على المعادن، وفنون الخط العربي. كما تحتضن 9 مواقع مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، أبرزها مدينة تونس العتيقة، قرطاج، مدرج الجم، جزيرة جربة، ومدينة القيروان.