«اتحاد الشغل» بتونس بين المحاسبة والسياسة.. خناق و«خط أحمر»؟

السلطات التونسية لا تستهدف حل «اتحاد الشغل» وإنما تريد إدراجه ضمن دائرة المحاسبة وضبط مجال تحركه في إطاره النقابي، بعيدا عن السياسة.
هذا ما يؤكده خبراء في قراءتهم للأزمة الراهنة بين السلطة و«الاتحاد العام التونسي للشغل»، أكبر نقابة عمالية بتونس، في ظل تواتر الاتهامات والجدل حول سعي محتمل لحل المركزية العمالية.
يأتي ذلك في وقت يرجح فيه مراقبون أن تتجه السلطات لحل «اتحاد الشغل» أو التقليص من دوره خصوصا إثر الإضرابات المتكررة في أغلب القطاعات.
وقبل أيام، أعلنت نقابات تابعة لاتحاد الشغل إضرابات عديدة؛ أبرزها الإضراب في قطاع النقل البري الحكومي، مما أدى إلى شل الحركة وتعطل مصالح الموظفين والعمال.
وكانت تلك النقابات تعتزم تنفيذ إضراب آخر، لكنه أوسع ويشمل الموانئ والمطارات، أي النقل البحري والجوي أيضا، وذلك يومي السابع والثامن من أغسطس/آب الجاري، لكن جرى التأجيل إثر انسداد المفاوضات مع الحكومة.
وفي السابع من الشهر الجاري، تجمع عشرات المحتجين أمم مقر اتحاد الشغل للمطالبة بحله ووقف الإضرابات التي تعطل مصالح المواطنين.
كما انتشرت دعوات على وسائل التواصل داعمة للرئيس قيس سعيّد، تطالب بحل الاتحاد على خلفية إضراب النقل.
اتهامات ومخاوف
في تصريح لـ«العين الإخبارية»، قال حفيّظ حفيّظ، الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل: «هناك توجه واضح من قبل السلطة في تونس لإلغاء كل الأجسام (الهياكل) الوسيطة بما فيها الاتحاد العام التونسي للشغل».
وأضاف حفيظ أن «السلطة تتجه لإلغاء أي طرف اجتماعي للتفاوض معه»، مؤكدا أن «العلاقة الحوارية بين الحكومة ومنظمته شهدت منعرجا منذ 25 يوليو (تموز) 2021 (تاريخ الإطاحة ببرلمان الإخوان)».
وأشار إلى أن آخر اتفاق مع الحكومة كان يوم 15 سبتمبر/ أيلول 2022 لينقطع الحوار بعد ذلك منذ 4 أعوام.
وبالنسبة له، فإن «هناك توجها لإلغاء التشريعات الورادة بمجلة الشغل (قانون الشغل) في علاقة بالجلسات الصلحية بالقطاع الخاص، ملوحا بتحركات نقابية تصعيدية قادمة»، دون تفاصيل أكثر حول الجزئية الأخيرة.
ولم يتسن لـ«العين الإخبارية» الحصول على تعقيب حول ما أورده حفيظ من مصدر حكومي.
المحاسبة والسياسة
في قراءته للتطورات، يرى المحلل السياسي التونسي المنجي الصرارفي أن «الحكومة لا تهدف إلى إلغاء دور الاتحاد أو حله».
ويوضح الصرارفي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن الحومة «تهدف لفتح ملفات الفساد التي يشتبه بتورط قيادات من اتحاد الشغل فيها ومحاسبتهم، وإلغاء المربّع التقليدي للاتحاد في علاقة بالتدخل بالشؤون السياسية».
ولفت إلى أن «الرئيس قيس سعيد يحمّل الاتحاد جانبا من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بسبب كثرة الإضرابات التي قاربت نحو 30 ألف إضراب في السنوات الأخيرة».
وشدد على أن «تلك الإضرابات التي تطالب بالزيادة في الأجور ألقت بظلالها على أداء المؤسسات وتسببت في إفلاسها، وأثرت أيضاً في الاستثمارات».
ووفق الخبير، فإن «الحكومة تريد إعادة تنظيم العلاقة مع اتحاد الشغل والنقابات عموما، ضمن تصور يضع العمل النقابي في إطار وظيفي محدود، بعيدا عن السياسة».
وتوقع بأن «تنطلق الحكومة بالفترة المقبلة في إجراءات لفتح ملفات فساد يشتبه بتورط قيادات من الاتحاد فيها ووضعهم تحت المراقبة والتدقيق المالي».
وسبق أن أكد سعيد عن رفضه القاطع للحوار مع الاتحاد، واصفا البعض من قياداته بـ"الفاسدين"، مجددا تعهده بفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين.
وقال سعيد: «سنواصل ثابتين وصامدين وصادقين، ولن تكون هناك حصانة لأي كان إذا تجاوز القانون، فالقانون يطبق على الجميع، ولا يمكن أن نترك أحدا يتطاول على الشعب التونسي».
والأسبوع الماضي، نظم اتحاد الشغل مسيرة شعبية حاشدة حضرها نقابيون وعدة منظمات، وذلك للمطالبة بفتح باب التفاوض مع الحكومة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUwIA== جزيرة ام اند امز