نقص مياه الأمطار يهدد مخزون السدود في تونس
على الرغم من الأمطار التي شهدتها تونس خلال الأسابيع الماضية، فإن السدود التونسية ما زالت تواجه نقصاً حاداً في الموارد المائية، وفق ما تؤكده أحدث البيانات الحكومية.
بحسب آخر إحصاءات المرصد الوطني للمياه، بلغت نسبة امتلاء السدود 27.4% بما يعادل 649 مليون متر مكعب، مقارنة بـ 19.6% فقط في ديسمبر/كانون الأول 2024، في مؤشر يعكس تحسناً محدوداً لكنه غير كافٍ لمعالجة أزمة المياه المتفاقمة.
وتعاني البلاد منذ سنوات من تراجع ملحوظ في مواردها المائية بفعل تداعيات التغيرات المناخية، ما دفع الحكومة إلى اعتماد قانون تقسيط المياه في مارس/آذار 2023، قبل أن تشهد تونس انفراجاً نسبياً العام الماضي بفضل تساقط كميات جيدة من الأمطار.
وخلال مؤتمر صحفي، أكد حمادي الحبيب، كاتب الدولة لدى وزير الزراعة والموارد المائية والصيد البحري المكلف بالمياه، أن "الوضعية المائية للسدود خلال موسم 2024 ـ 2025 كانت أفضل من السنة السابقة بفضل تحسن الإيرادات، رغم أنّ الوضع لا يزال دقيقاً".
وأوضح الحبيب أن الوزارة تمكنت من تأمين حاجيات مياه الشرب لصيف 2025 عبر خطة استباقية تقوم على تعبئة الموارد المائية وربط المناطق التي تعاني نقصاً بشبكات مجاورة لتفادي أي اضطرابات في الإمدادات.
وعلى الرغم من استمرار النقص في السدود، أكد فايز مسلم، المدير العام للسدود والأشغال المائية الكبرى بوزارة الزراعة، لـ"العين الإخبارية" أن الأمطار التي شهدها شمال تونس مطلع ديسمبر الحالي دعمت مخزون السدود بـ 51 مليون متر مكعب، واصفاً هذه الكميات بـ"الهامة والمطمئنة"، إذ أسهمت في تعزيز المخزون وتأمين جزء من حاجيات مياه الشرب.
ورجّح مسلم أنه في حال تواصل التساقطات بالوتيرة نفسها، سيكون بالإمكان تأمين مياه الري أيضاً خلال الموسم المقبل.
كما أوضح أن محافظة باجة (شمال غربي البلاد) تضم أكبر سدود تونس، وهو سد سيدي سالم البالغ طاقته الاستيعابية 643 مليون متر مكعب، والذي يزوّد عدداً من المحافظات بمياه الشرب والري منذ إنشائه عام 1982 على وادي مجردة.
وفي سياق متصل، شرح محمد شمس الدين الهرابي، رئيس اللجنة القطاعية للتغيرات المناخية بوزارة الزراعة، أسباب تفاقم شح المياه في تونس، مؤكداً أن الوزارة أطلقت منذ عام 2020 سلسلة دراسات لتقييم أثر التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي والأمن الغذائي.
وكشفت نتائج هذه الدراسات، التي نُفّذت بدعم من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ، عن "أرقام مقلقة" فرضت إعداد مخطط وطني للتأقلم مع التغيرات المناخية.
وأشار الهرابي إلى أن السيناريوهات المناخية العالمية تتوقع ارتفاع درجات الحرارة في تونس بنحو درجتين بحلول عام 2050، أي قبل نصف قرن من الموعد المتوقع عالمياً (2100)، وهو ما يهدد بانخفاض كميات الأمطار بين 14 و22 مليمتراً في المجال الجغرافي التونسي، إلى جانب ارتفاع منسوب مياه البحر، ما قد يعرّض نحو 50% من الموارد المائية الساحلية للخطر، ويؤدي إلى تقلص المساحات المروية وتراجع إنتاج قطاعات استراتيجية على غرار الحبوب والزيتون.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز