تونس بأسبوع.. تعثر مشاورات تشكيل الحكومة وتنامي خطاب العنف الإخواني
عدم الوصول إلى انفراجة زاد في خنق حركة النهضة وعزلتها بعد رفض حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب الدخول في حكومة تترأسها شخصية إخوانية
مرت أيام الأسبوع الماضي في تونس ثقيلة على حركة النهضة الإخوانية، فمع مرور كل يوم من أيامه السبعة كانت الصعوبات تتزايد أمام مساعي الحركة لتشكيل الحكومة جراء عدم الانفراجة بالمشاورات بين مختلف الأحزاب السياسية حول طبيعة التركيبة الحاكمة القادمة.
وزاد هذا الوضع، وفق محللين سياسيين، في خنق حركة النهضة وعزلتها بعد تواصل رفض كل من حزب التيار الديمقراطي (يسار وسط/ 21 مقعدا) وحركة الشعب (قومي/ 18 مقعدا) الدخول في حكومة تترأسها شخصية إخوانية.
واشترط الحزبان تعيين حكومة من المستقلين وشخصيات اقتصادية للقبول بمبدأ مساندتها والتصويت لصالحها في جلسة منح الثقة بالبرلمان.
شخصية وطنية مستقلة
عز الدين الصيادي، الناشط في حزب التيار الديمقراطي، قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التيار الديمقراطي يرفض الدخول في حكومة تشكلها حركة النهضة الإخوانية وفق رؤيتها السياسية.
وعدّ أن الاختلاف معها هو اختلاف جوهري وعميق يجعل من التيار يفضل المعارضة على جاذبية الحكم.
وأضاف أن أفضل صيغة لتونس هي دعوة الرئيس قيس سعيد، إلى اقتراح شخصية وطنية مستقلة تكون بعيدة عن الانتماء الحزبي لتشكيل الحكومة.
ويجد حزب النهضة الإخواني نفسه في سباق ضد الزمن لتشكيل حكومته أو أنه سيتخلى عن دوره لصالح رئيس الجمهورية قيس سعيد لاختيار الشخصية الأفضل لقيادة السفينة الحكومية في المرحلة القادمة.
عجز الإخوان
الباحث في العلوم السياسية، منتصر الرايس، قال إن حركة النهضة تعيش مأزقا تاريخيا، وإن حالة البطء في المشاورات سيقدمها بصورة العاجزة عن تقريب وجهات النظر مع الأطراف السياسية الأخرى.
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن التحالف مع حركة النهضة يثير مخاوف كبيرة لدى شرائح واسعة من المدارس السياسية في تونس وعلى رأسها المدرسة اليسارية والبورقيبية (نسبة للرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة).
وأوضح أن جوهر هذه المخاوف تتأتى من شبهات ارتباطها بالجماعات المتطرفة ومسؤوليتها في الركود الاقتصادي طيلة ثماني سنوات.
مرحلة انتقالية صعبة
وتتسم هذه المرحلة في انتقال السلطة بالفراغ على أكثر من وزارة سيادية، فبعد إقالة كل من وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي ووزير الخارجية خميس الجهيناوي، الأسبوع الماضي، واصلت سلسلة الاستقالات في البيت الحكومي التونسي نزيفها.
وأعلن المتحدث باسم رئاسة الحكومة، إياد الدهماني، استقالته وكذلك وزير الاستثمار زياد العذاري.
وعدّ مراقبون أن هذا الفراغ على رأس أكثر من وزارة سيؤثر على الأداء العام للدولة وعلى قدرتها لوضع الموازنة العامة للدولة لسنة 2020.
تزايد خطاب العنف الإخواني
زياد البحري، رئيس منظمة "تنمية تونسية" (أهلية)، قال إن أكثر المظاهر السلبية التي ترافق عملية انتقال السلطة هو المنسوب العالي للعنف الخطابي والتشدد في المواقف لبعض القوى القريبة من حركة النهضة الإخوانية.
وأضاف البحري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن السياق المعقد للمرحلة السياسية يؤشر على فترة مقبلة من الصراعات بين قوى تؤمن بالدولة المدنية وأخرى لها إرث سلبي في العنف والقتل والسلوك الدموي.
وتعرض اتحاد الشغل، خلال هذا الأسبوع، إلى حملة تحريض ضده من قبل حركة "ائتلاف الكرامة" (ذات التوجه الإخواني) وصلت إلى حد الوعيد بالاعتداء الجسدي على قياداته.
هذه التهديدات عدّتها المنظمة النقابية جزءا من الإرهاب السياسي الذي تمارسه جماعات الإسلام السياسي في تونس عبر إحدى أدواتها العنيفة التي تسببت في تعطل مسار الانتقال الديمقراطي منذ عام 2011.
وكشف القيادي بالاتحاد، عادل الحفصي، أن عناصر تابعة للحركات الإخوانية في تونس تجند صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لنشر شائعات تحريضية ضد المنظمة وقياداتها وخاصة منهم الأمين العام نور الدين الطبوبي.
وأوضح، في تصريحات صحفية، أن المنظمة النقابية ستخوض معركتها باتجاه الدولة المدنية التي تضمن الحريات للجميع ضد كل أشكال التطرف الديني والعنف السياسي.
الخبير في مجال الإعلام، سيف الحضيري، قال لـ"العين الإخبارية" إن حركة النهضة تملك قرابة 100 صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي، مهمتها الأساسية "هتك أعراض" الإعلاميين والسياسيين والنقابيين الذين يعارضون توجهاتها.
وعلى صعيد آخر، تم إيقاف الإعلامي التونسي سامي الفهري بالسجن بتهمة تجاوزات مالية وتبييض أموال، في حين يرى محاميه عبدالعزيز الصيد أن الهدف الأساسي من إيقافه هو الضغط عليه لسحب التحقيق التلفزيوني الذي يكشف فساد صهر رئيس حركة النهضة رفيق عبد السلام.