أسبوع انتفاضة "جلمة" وعزلة الجملي وتصدع"النهضة" في تونس
الجملي يجد نفسه بين خيارات متصادمة تتجاذب حبالها بين أن يكون رئيسا لحكومة مستقلة أو أن يكون واجهة إخوانية
كانت أيام الأسبوع المنصرم ثقيلة على رئيس الحكومة التونسية المكلف الحبيب الجملي، فمع كل صباح كانت المصاعب تقطع الطريق بينه وبين القوى الفائزة في الانتخابات التشريعية، لتبوء محاولاته لإقناعها بالمشاركة في حكومة قريبة من جماعة الإخوان الإرهابية بالفشل.
ولم يستطع الجملي إقناع الكتلة الديمقراطية (52 نائبا) المتكونة من حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية بالانضمام له.
كما أن مشاوراته تصطدم بالتناقض السياسي بين حركة النهضة (52 نائبا) وحزب قلب تونس (38 نائبا).
ويجد الجملي نفسه بين خيارات متصادمة تتجاذب حبالها بين أن يكون رئيسا لحكومة مستقلة أو أن يكون واجهة إخوانية، مع توحد 5 كتل برلمانية على اختلافها الفكري والسياسي في هدف واحد وهو معارضة "الإخوان" ومناهضة مشروعها ورفض عروضها للتحالف.
وعلى اختلاف المسافات بين الأحزاب المعارضة فإن التشكيلة السياسية الرافضة للدخول في حكومة الحبيب الجملي تتمثل أساسا في حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية وحركة تحيا تونس وكتلة الإصلاح الوطني وحزب قلب تونس، وعدد من المستقلين داخل البرلمان التونسي.
مشروع حكومي غامض
زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، قال إنهم يرفضون المساهمة في تشكيل الحكومة؛ لأن رئيسها المكلف الحبيب الجملي لم يعرض بعد برنامجه، ولم يوضح منهجيته المستقبلية لمجابهة التحديات.
واكتفى الجملي بمجموعة من النقاط العامة في عرض برنامجه، اعتبرها كثير من المراقبين مجرد مبادئ عامة لا ترتقي إلى مستوى التحديات التي ينتظرها الاقتصاد التونسي.
وأضاف المغزاوي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الكتلة البرلمانية الديمقراطية التي تضم حزبه مع التيار الديمقراطي لن تشارك في مشروع حكومي لم يحسم موقفه إلى الآن من الخطاب المتطرف، ولا يوضح منهجه والسياسات الاقتصادية التي سيتبعها تجاه الطبقات الفقيرة والمهمشة.
وعلى وقع الفراغ الحكومي الكبير كانت مدينة "جلمة" بمحافظة سيدي بوزيد (وسط) التي تبتعد نحو 300 كلم عن العاصمة خلال الأسبوع الماضي، مسرحاً لصدامات مباشرة مع قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع في وجه الغاضبين.
ويتمثل السبب المباشر لاندلاع الأحداث بسيدي بوزيد هو الاحتجاج على حرق الشاب عبدالوهاب الحبلاني نفسه احتجاجا على عدم تمتعه براتبه الشهري وتردي وضعيته الاجتماعية.
مراقبون اعتبروا أن القضايا الاجتماعية وتحديات البطالة ستكونان من بين أبرز الملفات الثقيلة على طاولة رئيس الحكومة الحبيب الجملي العاجز بعد أسبوعين من انطلاق مشاوراته عن تحديد خارطة تحالفاته.
الجملي بين خيارين
جهاد العيدودي، الباحث في علم الاجتماع السياسي، قال لـ"العين الإخبارية" إن العامل الوحيد الذي سيحدد قوة رئيس الحكومة القادم هو إيقافه لنزيف التدخل الحزبي في قضايا الدولة والوطن.
واعتبر أن الجملي سيكون أمام خيارين إما أن يكون رئيسا لحكومة كل التونسيين، وإما "بيدقا" في غرفة عمليات الإخوان.
وأضاف: "وبالتالي سيمثل امتداداً للعبة مأساة الحكم في تونس كما كانت مع رؤساء حكومات السنوات الماضية مثل يوسف الشاهد وحمادي الجبالي وعلي العريض".
ومنذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دخل الجملي المكلف من قبل الرئيس قيس سعيد في مشاورات مع الأحزاب السياسية للاستقرار على أعضاء الوزارة المقبلة، في مدة أقصاها 60 يوماً.
تخبط على أكثر من مستوى
وبتزايد أزمة رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في تشكيل حكومته وإيجاد الخارطة الضرورية للحكم، تدخل حركة النهضة الإخوانية مسارات تصدعها الداخلي بعد استقالة أمينها العام زياد العذاري.
وتعد الاستقالة البارزة الرابعة خلال أشهر في الصفوف الأولى للإخوان بعد انسحاب أمين سر الحركة زبير الشهودي وابتعاد عضو الشورى حاتم بولبيار عنها واستقالة المكلف بالعلاقات الخارجية محمد جراد واعتزال عبدالفتاح مورو السياسة.
وقال عبدالرحيم الصديق، القيادي بحزب العمال اليساري، إن الحركة الإخوانية عاجزة عن توفير المخارج المناسبة لعقمها السياسي.
وأشار إلى أن حكومة الحبيب الجملي ستكون بمثابة التركيبة الفاشلة لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية.
وأضاف الصديق، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن حركة النهضة تعيش فترة من الصدامات على خلافة راشد الغنوشي والذي قد يفتح على صراع عميق بين قياداتها التاريخية.
وتوقع أن تؤدي هذه الصراعات إلى انشقاق داخل النهضة واضطراب في منظومتها القيادية، خاصة أن الغنوشي يرفض الخروج من الحركة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4xNDQg جزيرة ام اند امز