أعلن الرئيس التونسي، يوم الأحد الماضي، بياناً تاريخياً وضع تونس الخضراء على مسار لا يخلو من التحديات التي يعلم الرئيس حجمها وطبيعتها.
وأمام قادة الجيش والحرس الوطني والجهاز الأمني أعلن قرارات التحول الكبير، وهي تجميد عمل مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن جميع أعضائه وتعهد بملاحقة المفسدين والتعامل بحزم مع الساعين للفتنة.
وأقال الرئيس قيس سعيد، رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وتولى هو السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه بنفسه.
وتولى الرئيس منصب النائب العام، وبرر ذلك بضرورة كشف كل ملفات الفساد، وأعلن أنه اتخذ هذه القرارات بموجب الفصل الـ80 من الدستور التونسي.
ضربة قوية وذكية وشجاعة تمثّل المسؤولية الوطنية للرئيس التونسي تجاه دولته وشعبه، وبحسب تعليل القرار، فإن "الإجراءات جاءت بسبب حالة الخطر الداهم، التي تهدد أمن البلاد واستقلالها، ما يتعذر معه، بحسب وصف الرئاسة التونسية، "السير العادي لدواليب الدولة"، وأن القرار تم بعد استشارة رئيس الحكومة، ورئيس مجلس نواب الشعب، وإعلام رئيس المحكمة الدستورية.
بالتأكيد ستتبع ذلك جملة من الإجراءات والتدابير لإنقاذ تونس من الأوضاع المتردية التي وصلت إليها بعد عجز حكومة "الإخوان" عن تحقيق أدنى متطلبات الشعب التونسي، الذي عاش عشر سنوات عجاف مع صعود حركة النهضة الإخوانية، التي مارست سياسات ضارة جداً بتونس على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي والصحي.
فقد عجزت تونس تماماً عن السيطرة على وباء كورونا، ومر الشعب التونسي بضائقة معيشية لم يتخيل أحد أنه سيمر بها، وكل ذلك يعود إلى أن الوطن لا قيمة له في منهج تنظيم الإخوان، الذي ابتليت به تونس، التي كانت نموذجاً للدولة المدنية والمجتمع المدني المثقف، ولكن حزب الإخوان أراد تدميرها وتحويلها إلى دولة فاشلة في سبيل بقائهم في السلطة.
الأكيد أن الرئيس قيس سعيد سيمضي قدماً في استعادة هيبة الدولة التي همّشها الإخوان، خاصة أنه قد حصل على تأييد شعبي واسع ودعم الجيش وقوات الأمن، وحركة النهضة الإخوانية تدرك جيداً ما يعنيه الرئيس بتوليه مهمة النائب العام ورفع الحصانة عن جميع أعضاء مجلس نواب الشعب، ما يعني ملاحقة العديد من أعضائه قضائياً وإخراج "الإخوان" نهائياً من المشهد السياسي.
الخطوات الشجاعة والمستحقة، التي قام بها الرئيس التونسي، ستجعل "الخضراء" غير تلك التي كانت من قبل، وستشهد تغييرات كبيرة سترينا الأيام القادمة مداها وارتداداتها على المستويين الاجتماعي والسياسي، والأهم أنها أنقذت البلد من حكم الأصولية والفوضى والإرهاب.
ستعود تونس قوية كما يليق بتاريخها وحضارتها وجمالها بتكاتف الشعب التونسي، الذي لا تزال الروح الوطنية متقدة فيه، وامتلاكه الكفاءات الوطنية القادرة على حسن إدارة الدولة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة