نشطاء تونسيون عن زيارة الغنوشي لأردوغان: استقواء بالخارج
مصادر تونسية مطّلعة من داخل البرلمان أكدت لـ"العين الإخبارية" أن "مكتب المجلس لا علم له بزيارة الغنوشي إلى تركيا، ولم تتم جدولتها".
استنكرت قوى سياسية ونشطاء الزيارة السرية التي أجراها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية رئيس مجلس نواب الشعب في تونس، إلى تركيا والتي تمت وسط تعتيم إعلامي حول تفاصيلها.
واعتبر مراقبون الزيارة "استقواءً" بالخارج في وقت تتراجع فيه القوة الإخوانية سياسيا وشعبيا، وتتزامن مع فشلها لأول مرة منذ عام 2011 في تمرير حكومتها المقترحة.
وأكد أيضا العديد من الأطراف السياسية أن تبرير الزيارة من قبل حركة النهضة جاء "هزيلا" و"غير مقنع".
ووصف عبدالوهاب عاشور الباحث التونسي في علم الاجتماع السياسي الزيارة بـ"الفضيحة" التي أكدت مدى انخراط الغنوشي وحزبه في محاور خارجية لا علاقة لها بمصلحة الوطن العليا وبالتحديات التي تعيشها تونس اقتصاديا واجتماعيا.
وقال عاشور، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن الغنوشي هو مجرد "أجير" سياسي لدوائر إخوانية على المستوى الإقليمي، مشيرا إلى أن تاريخه منذ وجوده في المشهد السياسي في بداية السبعينيات اقترن بارتباطه بالخارج التونسي وبالتنظيم الدولي للإخوان المتورط في الإرهاب وسفك الدماء -على حد تعبيره-.
وأضاف أن الصورة التي رافقت زيارة الغنوشي لأردوغان مهينة وفيها إساءة للشعب التونسي؛ حيث تضمنت صورة للعلم التركي فقط دون العلم التونسي، منتقدا مساعي زعيم الإخوان لاستغلال صفته رئيسا للبرلمان، وهو أكبر مؤسسة دستورية في تونس، لخدمة "أجندات" خارجية.
من جهتها، وصفت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر التي تضم كتلتها النيابية 17 نائبا الغنوشي بـ"الخائن" في بيان أصدره الحزب فور زيارته إلى تركيا، فيما تقدم الحزب الدستوري بعريضة إلى البرلمان لسحب الثقة من راشد الغنوشي وتعيين شخصية أخرى على رأس البرلمان.
وكتب محسن مرزوق رئيس حزب "المشروع" المنتمي إلى الكتلة النيابية "الإصلاح الوطني التي تمتلك 15 مقعدا، في تدوينة على صفحته بـ"فيسبوك"، أن "ذهاب الغنوشي لإسطنبول لمقابلة أردوغان مباشرة بعد سقوط حكومة النهضة في البرلمان كما ذهب في مناسبات مماثلة يؤكد مرة أخرى بما لا مجال للشكّ فيه أن قرار حركة النهضة مرتبط بتوجيهات تركيا".
وتابع في تدوينته: "إنه على أعضاء مجلس نواب الشعب الأحرار أن يسألوا أنفسهم كيف يمكن أن تتحول مؤسسة رئاسة مجلسهم في شخص رئيس المجلس إلى حالة تبعية لدولة أجنبية؟ وهذا سبب إضافي لإحداث تغيير في رئاسة المجلس".
ارتباك الإخوان
وواجهت حكومة الحبيب الجملي المقترحة من قبل حركة النهضة معارضة 134 نائبا ، ما جعل العديد من التابعين يصفونها بـ"الصفعة" القوية للتيار الإخواني.
وأوضح منصور الزديني الناشط السياسي في حزب الوطنيين الديمقراطيين التونسي (يساري) أن الحبيب الجملي كان ضحية سياسية دفع بها الغنوشي إلى الفشل، وأن سقوط حكومته جاء نتيجة لارتباط أعضاءها بشبهات فساد وبعدم الاستقلالية عن الانتماء لحركة النهضة.
وكشف الزديني، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، عن أن وزير المالية المقترح يرتبط اسمه بملفات قضائية، فضلا عن وجود أسماء لها ارتباطات بدوائر خارجية ولوبيات دولية لا تخدم مصلحة البلاد، على حد قوله.
وقال: "بخصوص علاقة الزيارة إلى أردوغان بسقوط الحكومة أنه بعد أن انكشف أمر الحكومة وضعها وعدم قدرتها على نيل ثقة البرلمان، هرع الغنوشي إلى تركيا يستجدي دعما سياسيا"، مشبها هذه الخطوة التي أتاها الغنوشي بـ"رقصة الديك المذبوح".
وأشار إلى أن الزيارة مخالفة للقانون؛ لأنه لم يتم إعلام رئاسة الجمهورية التونسية بها مثلما تفرضه القاعدة البروتوكولية للعلاقة بين مؤسسات الدولة في تونس، ومخالفة أيضا للعرف البرلماني في تونس؛ لأنها لم تكن مدرجة في جدول أعمال مجلس نواب الشعب.
ولم تكشف الصفحة الرسمية لمجلس نواب الشعب التونسي عن تفاصيل الزيارة مثلما دأبت عليه الدولة التونسية مع رئاسة البرلمان في عهد الرئيس السابق محمد الناصر.
وأكدت مصادر تونسية مطلعة من داخل البرلمان لـ"العين الإخبارية" أن "مكتب المجلس لا علم له بزيارة الغنوشي إلى تركيا، ولم تتم جدولتها ضمن نشاط رئيس المجلس"، معتبرة أن "زيارة الغنوشي هي زيارة سرية لا علاقة لها بنشاط البرلمان ولا ببرنامج عمله".