سقوط الجملي في اختبار برلمان تونس يزلزل "النهضة" الإخوانية
حكومة الحبيب الجملي فشلت في الحصول على ثقة البرلمان التونسي، بمعارضة 134 صوتا لها مقابل تأييد 72 صوتا فقط
فيما بدا زلزالا سياسيا في تونس، فشلت حكومة رئيس الوزراء المكلف الحبيب الجملي المدعومة من النهضة الإخوانية في نيل ثقة البرلمان، ما يطرح تساؤلات بشأن قدرة مستقبل الحركة ويعكس تبلور جبهة معارضة فاعلة.
وفشلت حكومة الجملي في الحصول على ثقة البرلمان، بمعارضة 134 صوتا لها مقابل تأييد 72 صوتا فقط، وبهذه النتيجة تطوي تونس مرحلة الحكومة المقترحة من "حركة النهضة" الإخوانية لتعود إلى المربع صفر.
ويعطي الدستور التونسي الصلاحيات لرئيس الجمهورية لاختيار شخصية جديدة في مدة 10 أيام ستكون مكلفة بتكوين حكومة جديدة في مدة أقصاها 60 يوما.
ويبدو أن هذا السقوط الحكومي لـ"حركة النهضة" ستكون له تداعيات على بيتها الداخلي وعلى موقعها السياسي، خاصة أنها عجزت خلال شهر واحد عن تمرير قانون صندوق الزكاة داخل البرلمان، وتجميع ثقة البرلمان حول حكومة الحبيب الجملي المقترحة.
ويرى العديد من المتابعين للشأن التونسي أن حركة النهضة تعيش عزلة برلمانية ومعارضة شاملة من مختلف الأحزاب السياسية التي قد تهز عرش راشد الغنوشي على رأس البرلمان، حيث إن وجود قرابة 150 نائبا معارضا للحركة يمكنهم من سحب الثقة من رئيس البرلمان في أي وقت أرادوا.
وفور انتهاء عملية التصويت على حكومة الحبيب الجملي، أعلن نبيل القروي رئيس حزب "قلب تونس" تكوين جبهة برلمانية جديدة تضم 5 كتل نيابية؛ هي: "كتلة حركة الشعب (18مقعدا)، وكتلة تحيا تونس (14مقعدا)، وكتلة الإصلاح الوطني (15 مقعدا)، وكتلة المستقبل (10 مقاعد)، وكتلة قلب تونس (38 مقعدا)".
وأكد القروي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هذه الجبهة البرلمانية ستقوم ببلورة رؤية للمرحلة السياسية القادمة في تونس، وسيتم تقديمها للرئيس التونسي قيس سعيد.
وأضاف القروي أن الوقت قد حان لتتحد العائلة الديمقراطية في تونس، لتحقيق التوازن السياسي مع حركة النهضة ومع حلفائها، مشير إلى أنه سيعمل على تقريب وجهات النظر بين كل الفرقاء السياسيين المؤمنين بمدنية الدولة والحاملين للفكر الحداثي.
وتبدو حركة النهضة عاجزة عن التحرك والفعل أمام التقارب لعديد من الأطراف الحزبية المعارضة لها، والتي قد تغير جذريا في خارطة المشهد السياسي في المرحلة القادمة.
الإخوان.. أقلية برلمانية وسياسية
وتقول الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة إن سقوط حكومة الحبيب الجملي أثبت أن "حركة النهضة" هي مجرد أقلية برلمانية عاجزة عن فرض رؤيتها وتمرير مبادرتها، معتبرة أن ذلك يمثل أبرز مؤشرات التراجع الإخواني الذي بدأت تتكشف معالمه خلال الفترة الأخيرة.
وأضافت الباحثة التونسية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن سلسلة الخسارات السياسية التي تشهدها الحركة الإخوانية قد تعزز أيضا منسوب الانشقاقات داخلها، خاصة أن موجة من الانتقادات وجهها أبناء الحركة لراشد الغنوشي محملين إياه مسؤولية اختيار الحبيب الجملي على رأس الحكومة والانفراد بالرأي، بالإضافة إلى وجود ملفات فساد مالي تتعلق بصهره رفيق عبدالسلام.
وأشارت "بن قمرة" إلى أن النهضة خسرت رهانات سياسية مهمة في فترة أربعة أشهر، أبرزها خسارة مرشحها عبدالفتاح مورو من الوصول للدور الثاني للانتخابات الرئاسية وعجزها عن إيجاد التوافقات الضرورية للمصادقة على حكومة الحبيب الجملي.
ويرى المتابعون أن صورة "حركة النهضة" بدأت تتلاشى في عيون الشعب التونسي أخلاقيا ومعنويا، وذلك بالإضافة إلى خسارة الرهانات السياسية، كما تلقت الحركة الإخوانية ردود فعل سلبية إثر مساندتها للتدخل التركي في ليبيا ودعم قياداتها المعلن لحكومة فايز السراج والمليشيات الإرهابية الموجودة على الأراضي الليبية.
ويقول الناشط التونسي منجي الصيد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن انخراط حركة النهضة في المشروع الإخواني التركي وتزكيتها التدخل العسكري على الأراضي الليبية ضرب بشكل جوهري رمزيتها وجعلها معزولة شعبيا وسياسيا، كما رسخ قناعة شعبية بأنها حركة إخوانية بامتياز.
وأضاف منجي الصيد أن حركة النهضة لم تثبت بعد 9 سنوات أن الدافع الأساسي لها هو خدمة تونس، وإنما أثبتت في كل مناسبة أنها امتداد لمشروع إقليمي تحوم حوله العديد من شبهات الإرهاب والتطرف.
aXA6IDE4LjExNy4xODguMTA1IA== جزيرة ام اند امز