اتحاد الشغل التونسي.. فزاعة الإخوان ورقم صعب في الانتخابات
مراقبون يرون أن الاتحاد التونسي للشغل له أدوار سياسية واجتماعية منذ تأسيسه سنة 1946، أي منذ زمن الاستعمار الفرنسي
استطاع اتحاد الشغل التونسي أن ينتصر في معاركه الاجتماعية ضد تحالف رئيس الحكومة يوسف الشاهد وجماعة الإخوان، مسجلا نقاطا إيجابية في رصيده الحافل بالنضال الاجتماعي والسياسي.
ولم يكن مارثون المفاوضات والضغط الجماهيري الذي قادته المنظمة النقابية للدفع بالحكومة التونسية، هينا للاستجابة إلى مطلب زيادة الرواتب لموظفي القطاع العام والوظيفة العمومية، وهو ما جهل اتحاد الشغل التونسي رقما صعبا في الانتخابات المقبلة، خصوصا أنه أعلن إمكانية دخوله غمار السباق الانتخابي المقبل.
مراقبون يرون أن الاتحاد التونسي للشغل له دور سياسي منذ تأسيسه سنة 1946، منذ زمن الاستعمار الفرنسي، حيث شارك في معارك التحرر الوطني حتى الاستقلال عام 1956، كما شارك في أول حكومة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987) في عام 1957، ثم كان له دور في الحراك الاجتماعي التونسي الذي يعرف بانتفاضة 1978، وانتفاضة "الخبز" سنة 1984.
هذه الأدوار امتزج فيها السياسي بالاجتماعي والنخبوي بالجماهيري، إلى أن وصل عدد أعضاء الاتحاد أكثر من مليون عضو، من كل الفئات والقطاعات.
نور الدين الطبوبي، الأمين العام للمنظمة النقابية التونسية، قال "لن نقف مكتوفي الأيدي في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2019"، وألمح إلى أن الاتحاد سيدعم تيارات سياسية بعينها تكون قريبة إلى "الهوى" العمالي ضد السياسات الليبرالية المجحفة لتحالف الشاهد والإخوان.
وفي هذا الإطار يؤكد عياض الفالحي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق في تونس، أن التونسيين في حاجة إلى وجود الاتحاد التونسي للشغل، بقوائم مستقلة في البرلمان المقبل، لتعديل الكفة أمام التيارات اليمينية، التي تستجيب فقط لإملاءات صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن اتحاد الشغل بإمكانه دعم قائمات الجبهة الشعبية (تحالف يساري قومي) للاشتراك في المنظومة الفكرية نفسها التي تدعو إلى ضرورة تحمل الدولة لمسؤولياتها في قطاع التعليم والنقل والصحة، وعدم الانجرار وراء تيارات الخصخصة لكل المؤسسات العامة.
موازين القوى السياسية
فرضية دخول اتحاد الشغل التونسي للانتخابات المقبلة سيكون له تداعيات مباشرة على موازين القوى السياسية في البلاد، إذ إن وجوده في البرلمان سيكون الصفعة التي ستقلص من حجم الإخوان، وتحد من دورهم في المؤسسات الحكومية التونسية.
عمار عمروسية، القيادي بحزب العمال التونسي، أكد من جانبه في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن اتحاد الشغل "صمام أمان ضد كل الانحرافات التي ارتكبتها حكومات ما بعد 2011"، مشيرا إلى أن المنظمة النقابية تتبنى مطالب الشعب التونسي ضد "الغطرسة" الإخوانية التي اتسمت بالفشل في تحقيق النمو الاقتصادي.
وعرفت تونس منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي تراجعا في نسب النمو الاقتصادي، ما أدى إلى تفاقم عجز الميزان التجاري إلى حدود 6 مليارات دولار، إضافة إلى ارتفاع نسب التضخم وغلاء الأسعار إلى 8% حسب إحصائيات المعهد التونسي للإحصاء (حكومي).
وأضاف عمروسية أن اتحاد الشغل التونسي لعب أدوارا إيجابية لمنع انتشار الفكر الإخواني والداعشي الذي حاول حزب حركة النهضة الإخوانية زرعه في المجتمع التونسي، وهو ما جعله "حائط صد" أمام تيارات الإسلام السياسي وسلبيات حكمه.
خوض الانتخابات.. فرضة لتقليص التفاوت الطبقي
الأمين بن بشير النقابي في قطاع الصحة يعتبر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن دخول الاتحاد التونسي للشغل في الانتخابات المقبلة لن يكون إلا لهدف واحد، وهو تقليص الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع.
ووصلت نسب الفقر في تونس إلى 20% من مجموع السكان في تونس (12 مليون نسمة) عام 2018، التي يرى فيها علماء الاجتماع سببا لانتشار الجريمة وظهور الضواحي الشعبية والسكن الفوضوي في أحواز العاصمة تونس.
وتابع بن بشير "أن الاتحاد يجب أن يضطلع بدور تنفيذي في الحكم، مثلما فعل (ليش فاليزا) في بولونيا في بداية التسعينيات من القرن الماضي"، مؤكدا أن المنظمة النقابية التونسية لديها العديد من الكفاءات القادرة على تسيير الدولة التونسية، ووضع حد لنسبة المديونية التي وصلت لـ71% من الناتج القومي الإجمالي.