حفلت تركيا بأحداث مهمة خلال عام 2019 والتي ستترك أثرها في عام 2020 وما يليه.
حفلت تركيا بأحداث مهمة خلال عام 2019 والتي ستترك أثرها في عام 2020 وما يليه.
على الصعيد الداخلي يمكن لحظ ما يلي:
تركيا بهذه الاتفاقية تدخل طرفاً في نزاع داخلي في بلد عربي، وبمواجهة مع أكثر من بلد عربي. كما زادت اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، التوتر في شرق المتوسط، وارتباط ذلك بالصراع على النفط والغاز بين مصر وقبرص واليونان مع تركيا تحديداً.
1- إلحاق الهزيمة الأولى بحزب «العدالة والتنمية» منذ عام 2002 في الانتخابات البلدية التي جرت في 31 مارس/آذار 2019. وعلى الرغم من أن تحالف الحزب مع «الحركة القومية» قد منحهما 52 في المئة من الأصوات، فإن ذلك لا قيمة له مقارنة بالخسارة المُدوية لهذا التحالف أمام المعارضة في انتخابات المدن الكبرى من إسطنبول وأنقرة وإزمير إلى ديار بكر وأنطاليا ومرسين وأضنة وغيرها، ولا سيما في إسطنبول؛ حيث بلغ الفارق خمسة في المئة لمصلحة مرشح حزب «الشعب الجمهوري». ويمكن لهذه النتيجة أن يُبنى عليها؛ لمواجهة سلطة «العدالة والتنمية»، إذا أحسن رؤساء بلديات المعارضة إدارة بلدياتهم في حال اتفقت المعارضة على مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية والنيابية في عام 2023.
2- عزل رؤساء البلديات الكردية بعد أقل من أربعة أشهر على انتخابهم؛ حيث بادرت وزارة الداخلية إلى عزل رؤساء 32 بلدية تابعة ما عدا واحدة لحزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي من مناصبهم؛ وبينها 3 بلديات كبرى؛ مثل: ديار بكر وماردين وفان. وتم تعيين المحافظ أو قائم مقام القضاء مكانهم. ولم تكتف الوزارة بذلك؛ بل سجن العديد من المعزولين؛ بذريعة دعم «الإرهاب» أي حزب «العمال الكردستاني»؛ ومن بينهم رئيس بلدية ديار بكر. وبذلك تكون الحكومة قد انقلبت على نتائج الانتخابات، كأنها لم تكن؛ بهدف إضعاف الحزب الكردي الذي لا يزال يقبع رئيسه السابق صلاح الدين ديميرطاش إلى جانب نواب آخرين في السجن.
3- واستمرت ملاحقة عناصر فتح الله غولين بنفس الزخم السابق، ويعتقل بصورة شبه يومية، منذ عام 2016، العشرات منهم من دون أن ينضب معين هؤلاء.
4- وجاء حدث نوعي تمثل في انشقاقات قادة معروفين عن حزب «العدالة والتنمية»؛ أولهم رئيس الحكومة والحزب السابق أحمد داوود أوغلو الذي أسس في 13 ديسمبر/كانون الأول حزب «المستقبل». ويتوقع خلال القريب العاجل أن يؤسس وزير الخارجية والمسؤول السابق عن ملف الاقتصاد علي باباجان حزباً جديداً بدعم من رئيس الجمهورية الأخير عبد الله غول.
والرهان يتمثل بأن يؤثر ذلك في شعبية حزب «العدالة والتنمية»؛ بحيث يكفي أن يجمع الحزبان الجديدان معاً من 5 إلى 10 في المئة من قواعد حزب «العدالة والتنمية»؛ ليكون تغيير الخريطة الحالية احتمالاً كبيراً.
أما على الصعيد الخارجي فقد برزت القضايا التالية:
1- نجاح تركيا، بدعم أمريكي وروسي، في الدخول إلى شمال شرق الفرات في سوريا، بعملية عسكرية تحت اسم «نبع السلام»، وإقامة منطقة احتلال جديدة سمتها «منطقة آمنة»، وبها كسرت تركيا ما كانت تسميه «كوريدور الإرهاب» الكردي في شمال سوريا، وألحقت بالإدارة الذاتية الكردية في «روجافا» ضربة قاصمة.
2- التأرجح في العلاقات مع واشنطن؛ حيث نسج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقات شخصية مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، فيما انهالت العقوبات العسكرية والاقتصادية على تركيا من جانب الكونجرس الأمريكي؛ ومنها الاعتراف بالإبادة الأرمنية، والتهديد بإخراجها من برنامج إنتاج مقاتلات «إف 35» المتطورة.
3- حققت روسيا خرقاً نوعياً للمنظومة الأطلسية؛ بتسليم تركيا أول دفعة من صواريخ «إس 400» في يوليو/تموز 2019. وهي الصفقة التي كانت سبباً لتوتر العلاقات التركية مع الغرب والأطلسي.
4- أنهت تركيا عام 2019 بتوقيع اتفاقية مع حكومة فايز السراج في ليبيا؛ لترسيم الحدود البحرية بين البلدين. كما وقعت اتفاقية للتعاون العسكري؛ حيث أعلنت أنقرة أنها سترسل قوات عسكرية؛ لدعم حكومة السراج في مواجهة الصراع مع جبهة اللواء خليفة حفتر. وتركيا بهذه الاتفاقية تدخل طرفاً في نزاع داخلي في بلد عربي، وبمواجهة مع أكثر من بلد عربي. كما زادت اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، التوتر في شرق المتوسط، وارتباط ذلك بالصراع على النفط والغاز بين مصر وقبرص واليونان مع تركيا تحديداً. وهو ما يجعل عام 2020 مسرحاً لمزيد من النزاعات التي ستكون فيها تركيا الطرف المباشر من سوريا والعراق إلى ليبيا والخليج العربي وشرق المتوسط.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة