الكولونيا.. حارس الأتراك من داء كورونا ومرض التعتيم
الكولونيا تقليد شعبي يرمز للنظافة وحسن الضيافة، بات في الخطوط الأمامية لصد الفيروس عن الأتراك
عندما هبّت رياح فيروس كورونا على بلادهم، استنجد الأتراك بتقليدهم القديم "الكولونيا" يقيهم من إجراءات رسمية يرونها فقط شكلية لا تسمن ولا تقي من وباء.
وللكولونيا مكانة مهمة في يوميات الأتراك وتقاليدهم، فهي رمز لحسن الضيافة والنظافة، كما أنها ترش على الأيدي والوجه في صالونات الحلاقة والمطاعم وفي الحافلات أيضا أو عند زيارة مريض في المستشفى.
وبتقديمها لضيوفهم، أدرك الأتراك أنهم لا يرحبون فقط بمن يدق بابهم بالرائحة الزكية، بل يوفرون له معقما يقيهم من شر كورونا، فباتت الطوابير تمتد أمام متاجر البيع في ربوع البلاد للحصول على الكولونيا.
ويقول عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إن الأمر خرج عن سيطرة أصحاب المتاجر الذين لم يعد بمقدورهم تلبية الطلب المتزايد على هذا التقليد القديم.
وتحتوي الكولونيا التركية على مركب الإيثانول الذي ينتمي إلى فصيلة الكحوليات، وتتعدد روائحها فمنها ما هو بالليمون والياسمين والعنبر والخزامى والتبغ.
ووفق استطلاع رأي أجراه معهد "إيبسوس" التركي، فإن 88 % من الأتراك يستخدمون معقمات أو الكولونيا للحماية من فيروس كورونا.
إلياس غوتشدو وهو من أبناء إسطنبول، يقول: "في السابق كنت أستخدم الكولونيا مرتين في اليوم. لكن منذ انتشار وباء كورونا استخدمها ثلاث مرات وأحيانا أكثر".
ولدى غوتشدو قناعة بأن الكولونيا فعالة لاحتوائها على الكحول. لكن الأمر بات صعب الآن في العثور عليها مع زيادة الطلب.
زيادة في الطلب على هذا التقليد الشعبي القديم، أفرزت معها سوقا سوداء رفعت من أسعار الكولونيا في البلاد.
لكن هل فعلا قادرة الكولونيا على محاربة كورونا؟
يجيب الأستاذ الجامعي بولند أرطغرل العضو في الجمعية التركية لعلم الأحياء المجهري السريري والأمراض المعدية، بأن محتوى الكحول قادر على ذلك، وذلك من خلال مهاجمة غلافه الفيروسي.
ويفسر قوله بأن الكحول من المذيبات القوية ولذلك فهي قادرة على القضاء على الغشاء الليبيدي في الفيروس
وتقول الإحصاءات المعلنة من طرف سلطات أردوغان، إن تركيا سجلت 2433 إصابة و٥٩ حالة وفاة بفيروس كورونا، لكن المعارضة وحقوقيين يتحدثون عن أرقام أكبر من ذلك بكثير لاسيما داخل السجون التي تكتظ بالنزلاء وسط إهمال طبي يسود المكان.
صورة وردية لوضع منهار
وعند بداية تفشي الفيروس، عمد المسؤولون الأتراك إلى رسم صورة وردية للوضع المنهار، بالإشارة إلى أن معظم المصابين يتماثلون للشفاء ويجري تقديم الدعم الطبي اللازم لهم.
كما أن وزير الصحة، حرص في بداية الأمر على على عدم تقديم أية معطيات حول المصابين، ولا عن مواقعهم، ورفض الرد على أسئلة الصحفيين بهذا الخصوص، متعللا بخصوصية المرضى، مع أن جل بلدان العالم وضعت تطبيقات عبر الانترنت توضح خارطة تواجد المصابين بالمدن.
لكن قطاع كبير من المجتمع التركي يعلم أن الوضع أسوأ بكثير، والكثير يخشى الاحتجاج أو حتى كتابة تدوينة أو تغريدة عبر مواقع التواصل، لأن كل من يفكر بذلك يجد نفسه معتقلا بتهمة جديدة ملفقة تتعلق بالفيروس.
وهي التهمة التي اعتقلت على إثرها، بالأمس، أجهزة الأمن أكثر من أربعمائة شخص، بزعم مشاركتهم منشورات "استفزازية" حول كورونا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في مؤشر يعكس عجز سلطات أردوغان على مواجهة الحقيقة، ويترجم سياسة التعتيم التي تنتهجها الحكومة.
وأمام الإجراءات التي تتخذها سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان، لمواجهة فيروس كورونا، تقف الكولونيا في خطوط الدفاع الأولى عن الأتراك