باحثان: أردوغان ينتظر صفعة جديدة بانتخابات إسطنبول
استطلاعات رأي أشارت إلى عدم تصديق ناخبي حزب أردوغان مزاعم سرقة الأصوات في الجولة الأولى بانتخابات إسطنبول
يبدو أن ديكتاتورية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالداخل ستدفعه لمزيد من الممارسات القمعية ضد المعارضة، والسيطرة على مؤسسات الدولة التركية، من أجل حسم معركة إسطنبول لصالحه عبر الانتخابات البلدية، المقرر إعادتها في 23 يونيو/حزيران الجاري.
وعلى مدار الأسابيع الماضية عزلت السلطات التركية 13 مسؤولا في اللجنة العليا للانتخابات، تحت مزاعم بشأن تورطهم في مخالفات وقعت أثناء الانتخابات الأولى بإسطنبول. وفي الوقت نفسه عين المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي (حكومي) 3 موالين لحزب العدالة والتنمية مقابل استبعاده آخرين.
الخاسر الأكبر
ويقول كرم سعيد الباحث في الشأن التركي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك ثمة خطة محكمة من قبل أردوغان وحزبه لانتزاع انتخابات إسطنبول، بداية من تقديم طعن على نتيجة الانتخابات الأولى في إسطنبول وعدم تقبله الهزيمة، وصولا إلى عزل مسؤولين اللجن العليا للانتخابات وتسخير الإعلام الرسمي لحزبه".
واعتبر محمد عبدالقادر، رئيس تحرير مجلة "شؤون تركية"، أن أردوغان خاسر في كلتا الحالتين، مضيفا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" المطالبة بإعادة الانتخابات في حد ذاتها خسارة لأردوغان حتى في حال فوز حزبه، ما يؤكد فشل سياسته وعدم قدرته على مواجهة المعارضة، وفي حال فوز المعارض يصبح سقوط مدوٍّ لأردوغان، ما يمهد لأكرم إمام أوغلو وحزبه الصعود في الانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية".
وفي الـ6 من مايو/أيار الماضي أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا إعادة إجراء الانتخابات البلدية في إسطنبول، استجابة لطلب حزب أردوغان (العدالة والتنمية)، بعد طعنه لفوز مرشح حزب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو برئاسة البلدية في الانتخابات التي أجريت في نهاية مارس/آذار الماضي.
محاولات مستمية
سعى أردوغان لكسب تعاطف الناخبين مع مرشح حزبه "بن علي بلدريم" في الجولة الثانية لانتخابات إسطنبول، ويفسر الخبير في الشأن التركي صلاح لبيب، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الحكومة التركية تلعب دائما على قدرتها للحشد، وتغذية مشاعر القومية لدى الأتراك، واستغلال قضايا خلافية كوسيلة لكسب أصوات، مستشهدا بالخلاف القائم بين أنقرة وواشنطن حول شراء منظومة صواريخ "إس 400" من روسيا.
بينما أوضح سعيد أن محاولات أردوغان تمثلت في إقالة مسؤولين من اللجنة العليا للانتخابات بعد التحفظ على قرار إعادة الانتخابات في إسطنبول، إضافة لمنع أي دعاية لأكرم أوغلو في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، وحجب مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعم مرشح المعارضة، وتخصيص كافة وسائل الإعلام لصالح حزب العدالة والتنمية.
وأضاف "استمرت انتهاكات أردوغان ضد المعارضة بتوقيف الداعمين لها تحت مزاعم تهم مختلفة، ما دفعه لاختيار أول أيام رمضان لإعلان قرار إعادة الانتخابات، حتى يضمن عدم اندلاع احتجاجات ضده"، مشيرا إلى أن أردوغان عين عددا من الموظفين الحكوميين للمراقبة على الانتخابات، وهو الأمر الذي يعد انتهاكا للقانون التركي الذي يمنع ممارسة أي موظف حكومي دور سياسي في إدارة عملية الاقتراع".
بن يلدريم.. فرص أقل
وعن احتمالية فوز مرشح العدالة والتنمية وجد صلاح لبيب أن فرص فوز بن بلدريم في الجولة الثانية تعد أقل من منافسة أوغلو، لأن الأول ليس لديه كاريزما، ما أدى لخسارته في الجولة الأولى رغم ما قدمته الحكومة التركية من دعم له، وفي المقابل مرشح الحزب الجمهوري حظوظه أكبر كونه شابا ولديه رؤية تستهدف التنمية دون مواقف أيديولوجية متشددة.
وتحول موقف أردوغان من أكراد تركيا خلال الفترة الماضية، بتحفيف ظروف حبس زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، والسماح لمحاميه وأفراد أسرته بزيارته للمرة الأولى منذ منعهم في 2011، واعتبر مراقبون أن الحكومة تستهدف إقناع الأكراد بفتح صفحة جديدة معهم، خاصة أن خطاب العدالة والتنمية في جولة الانتخابات الأولى وجهت اتهامات عدة لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لحقوق الأكراد.
وفسر كرم سعيد هذا الموقف بمحاولة كسب تأييد الأكراد في الجولة الأولى لانتخابات إسطنبول، وإنهاء إضراب السجناء عن الطعام احتجاجا على ظروف حبس أوجلان، مؤكدا أن المحاولة باتت بالفشل، خاصة أن الأكراد أعلنوا أنها مناورة من أردوغان لكسب أصواتهم في الانتخابات فقط.
تصويت عقابي
خلال الفترة الماضية توافقت كافة التيارات الحزبية، مثل حزب السعادة الإسلامي وحزب الشعوب اليدمقراطي، على منح أصواتهم إلى أوغلو، ويصبح تصويتا عقابيا للمرشح المنافس، ما يرجح فرص فوز الحزب الجمهوري بنسبة تتجاوز الجولة الأولى، حسب تحليل الباحثين كرم سعيد ومحمد عبدالقادر.
وتابع سعيد بقوله "هناك كتلة تصويتية أهم، وهي أصوات الناخبين غير الحزبين، وهي كتلة تصويتية صامتة غير محدد اتجاهات، وهذه المرة ربما ستذهب إلى أوغلو، كنوع من أنواع التضامن معه، لشعورهم بالمظلومية لإعادة الانتخابات"، مشيرا إلى ظهور جناح داخل العدالة والتنمية رافض إعادة الانتخابات ويدعم أوغلو.
واتفقا الباحثان حول أن العدالة والتنمية لا يقبل بفوز حزب آخر، بينما سير الانتخابات بنزاهة وفقا للقوانين تضمن فوز ساحق لمرشح حزب الجمهوري.
وأشارت استطلاعات رأي إلى عدم تصديق ناخبي حزب أردوغان مزاعم سرقة الأصوات في الجولة الأولى، الأمر الذي دفع قيادات الحزب لرفض التحالف مع الحركة القومية، ما يضع "أردوغان" في مأزق جديد من صنع يديه.
aXA6IDMuMTQ1LjkzLjIyNyA= جزيرة ام اند امز