خبراء: إيران تعرقل مساعي اليابان للوساطة مع أمريكا
خبراء يرون أن الوساطة اليابانية محكوم عليها بالفشل بسبب عدم رضوخ طهران لأهم بند في حل أزمتها مع واشنطن، وهو «تغيير السلوك».
زيارة يجريها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى إيران في مسعى لإنهاء حالة التوتر بالمنطقة، ومحاولة الدفع نحو محادثات بين طهران وواشنطن لحل الأزمة المستعرة بين الجانبين.
- "وساطة" شينزو آبي.. طهران تهرول لطوكيو من وطأة العقوبات
- الإعلام الإيراني "متشائم" حيال نجاح زيارة شينزو آبي
وساطة يابانية تأتي محملة بدوافع كثيرة، وسط تعقيدات أكبر تطرحها الأوضاع، ما يجعل منسوب التفاؤل برضوخ طهران لأهم بند في حل أزمتها مع واشنطن، وهو «تغيير السلوك»، ينزل إلى أدناه، ما يحكم مسبقا على دور طوكيو بالفشل.
وفي ظل هذا التعقيد، يظل احتمال التفاوض وفق سقف معين لاحتواء التصعيد القائم، هدفا غير متاح نسبيا، وذلك رغم تراجع حدة الحرب الكلامية والتهديد بالذهاب نحو سيناريو المواجهة العسكرية.
السفير الأردني السابق في إيران، بسام العموش، اعتبر أن السلطة الحالية في إيران غير مريحة للشعب والمنطقة والعالم.
وقال، تعقيبا على الأزمة بين طهران وواشنطن، إن ما يحدث لا يختلف كثيرا عما جرى سابقا، فقد هاجم إيران 4 من الرؤساء الأمريكيين، وما زلنا نذكر قول جورج بوش: دول محور الشر: إيران والعراق وكوريا الشمالية، لكنه لم يدمر سوى العراق.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "أما فيما يتعلق بالوساطات لحل الأزمة بين طهران وواشنطن، فإن الدور الياباني قد ينجح ويحل بعض الإشكالات، لكن الثابت أن العالم لن يقبل بحرب فوق محيط النفط".
من جانبه، رأى المحلل السياسي عمرو مصطفى، أن الحديث عن الوساطة اليابانية في الأزمة بين طهران وواشنطن، يستدعي أولا التطرق لدوافعها الكامنة وراء هذه الخطوة.
وقال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن اليابان واحدة من أكبر مستوردي النفط الإيراني على مستوى العالم، وهي رابع مستورديه في آسيا، لافتا إلى أن استمرار أي عقوبات أمريكية على إيران خاصة بعد انتهاء إعفاءات استيراد نفط طهران على الدول الكبرى مثل اليابان وغيرها، يعني أزمة اقتصادية كبيرة حتى في صورة وجود بدائل.
وأشار إلى أن استمرار حالة التوتر يعني ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي ارتفاع تكلفة المنتج الياباني، والضغط على مواطني هذا البلد، خصوصا أنه من أكثر الدول استهلاكا للنفط.
حالة فراغ استراتيجي
أما الدافع الثاني لليابان للقيام بجهود الوساطة فهو، بحسب منصور، رغبتها في استغلال ما يمكن أن نسميه حالة الفراغ الاستراتيجي في إمكانية القيام بجهود الوساطة، بمعنى أن هناك العديد من الدول التي لا تستطيع القيام بهذا الدور.
وتابع: وفي حال نظرنا للاتحاد الأوروبي، فإن بلدان هذا التكتل على خلاف كبير بسبب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، ومن هنا، فإنه لا يمكنه القيام بأي دور وساطة بهذا الصدد.
وعلى الجانب الآخر، هناك الصين والتي رغم أنها أكبر مستورد للنفط الإيراني، إلا أن حربها التجارية مع واشنطن تقصيها من لائحة الوسطاء المحتملين، علاوة على بعض التوترات بين الجانبين في بحر الصين الجنوبي.
الدافع الثالث تختزله روسيا التي لا يمكنها لعب دور الوسيط بسبب خلافاتها مع واشنطن حول بعض الملفات، بينها ملف تدخل موسكو المحتمل بانتخابات الرئاسة لعام 2016، إضافة إلى المسألة السورية.
وخلص الخبير إلى أن حالة الفراغ الاستراتيجي الكبير تمنح طوكيو إمكانية الاستفادة منه، لاسيما أن اليابان تحاول الآن الخروج من الدائرة الضيقة، أي من مجرد قوة اقتصادية مؤثرة في العالم، إلى استثمار هذا الوزن بشكل ناعم من خلال التحرك السياسي على مستوى العالم، والقيام ببعض جهود الوساطة والأعمال الخاصة بالأمم المتحدة للخروج من الدائرة الاقتصادية، ومنافسة الصين في هذا المجال.
وبكين أصبحت تتغول بشكل كبير، وتحولت من قوة اقتصادية إلى قوة لها نفوذ سياسي وأدوار عسكرية من خلال الأمم المتحدة والبعثات حفظ السلام، واليابان تفطنت لهذا الأمر على ما يبدو، وتريد تدارك الأمر لمنافسة الصين، والملف الإيراني يطرح أمامها فرصة جيدة لتحقيق طموحها.
عداء إيران يمنع الوساطات
سؤال آخر يطرح نفسه، وهو لماذا لا توجد أدوار إقليمية يمكن أن تنافس الدور الياباني في الوساطة لحل أزمة طهران وواشنطن؟
وفي معرض رده على هذا السؤال، يقول منصور: ببساطة إيران دولة تمارس العداء تجاه البلدان العربية بشكل عام، والخليجية على وجه الخصوص، وبالتالي، فمن الصعب أن يكون هناك أي دور عربي للوساطة بين طهران التي تعتبر طرفا معاديا بالنسبة للمنطقة العربية.
تركيا أيضا لا يمكنها الاضطلاع بأي وساطة بهذا الملف، بسبب الخلافات بين أنقرة وواشنطن حول الملف السوري، علاوة على التوتر المندلع بين الجانبين على خلفية إصرار تركيا على إتمام صفقة شراء منظومة دفاعية روسية.
ويعتبر منصور أن مدى استجابة الولايات المتحدة لوساطة طوكيو، يبدو، في واقع الحال، ضئيلةا، لأن أي استجابة أمريكية وتمديد فترة إعفاء النفط الإيراني سيعني بالمقابل منح قبلة حياة جديدة بالنسبة لطهران، وتخفيف الضغوط عليها، وهذا من الصعب أن يحدث في ظل التوازنات الإقليمية الراهنة.