أردوغان وكليجدار أوغلو.. تركيا المنقسمة أمام مفترق طرق سياسي
تشهد تركيا، اليوم الأحد، سباقا انتخابيا هو الأصعب في تاريخها لاختيار رئيسها لمدة 5 سنوات قادمة.
ويخوض الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان الانتخابات الرئاسية أمام مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو وسنان أوغان رئيس "تحالف الأجداد" بعد انسحاب محرم إنجه مؤسس حزب "البلد"، في أصعب سباق انتخابي يتعرض له أردوغان منذ وصوله للسلطة في 2003.
ووسط استطلاعات رأي تمنح التفوق لكليجدار أوغلو بفارق ضئيل يصعب التكهن بالفائز حتى إعلان النتائج الأولية في التاسعة من مساء اليوم بتوقيت تركيا.
ترقب في الشارع
ويسود الشارع التركي حالة من عدم اليقين والقلق والترقب والتوتر تجاه ما قد تحمل النتائج في طياتها لثاني أكبر دولة في أوروبا بعدد سكان 85 مليون نسمة، وهناك عدد كبير من الأتراك من بينهم جيل جديد من الناخبين يتوقون إلى التغيير.
وعانى الأتراك من التضخم الطاحن وانهيار الليرة والتدني الحاد في مستويات المعيشة، بالإضافة إلى الزلزال المدمر الذي وقع في فبراير/شباط وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص وشرد الملايين.
وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم كليجدار أوغلو، لكن أردوغان رغم ذلك قد يفوز نظرا لقاعدة الدعم القوية التي يتمتع بها بين أبناء الطبقة العاملة المتدينة في قلب الأناضول.
ويعتقد المتابعون لصعود أردوغان على مدى العقود الثلاثة الماضية أنه سيقاتل بكل الوسائل للاحتفاظ بالسلطة، وقد يفوز بفارق طفيف أو الطعن في أي هزيمة بفارق ضئيل.
تسليم السلطة
وعد أردوغان باحترام حكم صناديق الاقتراع الذي يراقبه مئات الآلاف من مؤيدي الجانبين.
الكاتب الصحفي التركي قدري جورسل قال إن أردوغان "سيطعن في النتائج إذا لم تكن في مصلحته وإذا كان الهامش ضئيلا، لكنه لن يستطيع فعل الكثير إذا حققت المعارضة فوزا ساحقا.. إنه في أضعف نقاط حياته السياسية".
وردا على سؤال عن اعتراض أردوغان المحتمل على النتيجة، قال مسؤول رئاسي تركي لرويترز إنه في حال حدوث مخالفات فسيتم تقديم طعون إلى لجنة الانتخابات، وهو أمر قال إنه يحق لحزب الشعب الجمهوري المعارض القيام به أيضا.
وأضاف "لكن إذا خسر الانتخابات، فإن القول إنه لن يترك منصبه لا معنى له وبلا أساس".
أردوغان vs كليجدار أوغلو
وفقا لنظام التصويت التركي فإن أي مرشح يصبح فائزا بحصوله على أكثر من 50% من الأصوات، وإذا لم يحصد أي مرشح هذه النسبة تُجرى جولة إعادة تحدد الفائز، وهو تصور محتمل لأن استطلاعات الرأي تظهر عدم حصول أردوغان أو خصمه على الأغلبية.
وأردوغان هو الزعيم الأكثر نفوذا منذ أن أسس مصطفى كمال أتاتورك تركيا الحديثة قبل قرن، وتبنى نظام حكم رئاسي تنفيذي، وتتهمه المعارضة بقمعها والضغط على وسائل الإعلام والقضاء والاقتصاد، وأقال آخر ثلاثة محافظين للبنك المركزي في عامين.
وبعد محاولة انقلاب ضده عام 2016 أبعد أردوغان جنرالات أقوياء وأخضع الجيش وحاكم بعض الضباط، وأعقب ذلك قمع المعارضين.
ومن أبرز السلبيات التي شابت حكم أردوغان في الفترة الأخيرة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها معظم الأتراك.
ويعزو معظم الاقتصاديين التضخم المتفاقم الذي لامس 85% العام الماضي والأزمة المالية القائمة منذ أمد طويل إلى سياسات أردوغان غير التقليدية وسوء الإدارة.
ويقول أردوغان إنه سيظل متمسكا بسياسته الاقتصادية التي تركز على خفض أسعار الفائدة إذا فاز.
وتضررت حظوظ أردوغان بسبب الاقتصاد المتدهور وما اعتبره منتقدون تعاملا فاترا مع كارثة الزلزال، خاصة بعد ما أثير حول إفلات بعض مقاولي الإنشاءات في المناطق الأكثر تضررا من العقاب، على الرغم من انتهاكات بناء سابقة مما فاقم من ضعف صمود المباني أمام الزلازل.
ويشير محللون إلى أن التضخم والأزمات الاقتصادية أدت تاريخيا إلى إسقاط كل حكومة تركية اعتُبرت مسؤولة عن سوء إدارة شؤون الدولة.
ويكابد كثير من الأتراك لتغطية تكلفة الطعام والتعليم وإيجار السكن بعد أن أصبح الحد الأدنى للأجور الشهرية للعمال يعادل 436 دولارا بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية.
وعندما وصل أردوغان إلى السلطة عام 2003 كانت تركيا تعيش حالة انتعاش اقتصادي، وبدت وكأنها تكتب قصة نجاح مدهشة يحسدها عليها جيرانها.
وينسب مؤيدون، بل منتقدون، الفضل لأردوغان وفريقه في الإنجازات المبكرة لتحسين أوضاع الفقراء بتوفير إمدادات الكهرباء والمياه وزيادة دخل الفرد وتوزيع الثروة ونشر الرعاية الصحية وبناء مدارس ومراكز رعاية طبية وطرق وجسور ومطارات جديدة.
ويقول أنصار أردوغان وأيضا معارضوه الليبراليون إن أردوغان ترك بصمته أيضا بجعل تركيا قوة إقليمية، كما رفع الحظر على الحجاب مما سمح للنساء المحافظات بحرية العمل في القطاع العام والالتحاق بالجامعات.
فرص كليجدار أوغلو
يقود كليجدار تشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ائتلافًا من ستة أحزاب متنوعة من اليمين القومي إلى يسار الوسط الليبرالي.
كما حصل على دعم حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد ويعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد.
وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في 2018، فاز أردوغان من الجولة الأولى، لذلك فإن خوضه جولة الإعادة المقررة في 28 مايو/أيار الجاري ستشكل انتكاسة له.
ماذا لو خسر أردوغان؟
قد تعيد هزيمة أردوغان تركيا إلى ماضيها الديمقراطي الأكثر علمانية، الذي وعد كليجدار أوغلو بإحيائه بتحرير المؤسسات من قبضة الدولة.
ويخشى منتقدون من أن فوز أردوغان قد ينذر بحملة قمع أكبر على الخصوم السياسيين، وعلى ما تبقى من مؤسسات مستقلة.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjEyNCA= جزيرة ام اند امز