المعارضة تطالب بإعادة فتح قضية فساد أغلقها أردوغان في 2013
تتواصل في تركيا ردود الفعل الغاضبة حيال اعترافات وزير سابق بصحة اتهامات الفساد التي وجهت له بوقت سابق وآخرين من رموز النظام.
والإثنين الماضي، اعترف وزير البيئة والتحضر التركي الأسبق أردوغان بيرقدار بوجود علاقات مشبوهة سابقة جمعته بالرئيس رجب طيب أردوغان.
ويحاكم بيرقدار في قضية فساد تم الكشف عنها عام 2013، وتورط وزراء ورجال أعمال وسياسيين تابعين لحزب العدالة والتنمية، بتهمة الاختلاس، والرشوة، وإساءة استخدام السلطة، والتهريب، وغسيل الأموال، فيما قررت المحكمة اعتقال 26 شخصًا من المتهمين.
وخرج الوزير الأسبق الإثنين عن صمته مؤكدا تورط الرئيس التركي في القضية المذكورة، حيث قال «طردوني، وضعني الرئيس في كيس اللصوص ورماني بعيدًا».
والأربعاء، اعتبر البرلماني المعارض التركي آلطون تشيراي، المنتمي لحزب "الخير"، اعتراف الوزير الأسبق بيرقدار بصحة جميع الأدلة في اتهام الفساد الموجه له "بمثابة سبب كاف" للتحقيق مجددا في القضية التي أغلقها الرئيس أردوغان عام 2013.
البرلماني عن حزب الخير التركي وكبير مستشاري رئيسة الحزب تشيراي قال ذلك في تغريدة نشرها على حسابه بموقع "تويتر"، وتابعتها "العين الإخبارية".
وأضاف المعارض نفسه مشددا على أن "ما قاله بيرقدار بمثابة بلاغ ضد تحقيقات الفساد والرشوة وأنه أحدث اعترافات الإدارة السيئة، ولا شك أن هذه الاعترافات لن تتوقف عند هذا الحد، وأنها في النهاية ستطال جميع المسؤولين وممثليهم".
لجنة برلمانية
على الصعيد نفسه، طالب برلماني معارض عن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مجددا في قضية الفساد والرشوة المذكورة.
اعترافات وزير البيئة والتخطيط العمراني الأسبق دفعت البرلماني التركي المعارض علي حيدر حق فردي، لتقديم مذكرة استقصائية للبرلمان بهذا الشأن.
وأشار حق فردي إلى اعترافات بيرقدار بصحة المعلومات والاتصالات الهاتفية والتسجيلات والصور والبيانات التقنية في ملف الاتهام الخاص به.
حق فردي قال في المذكرة البرلمانية إن "التصريحات الأشبه باعترافات الصادرة عن بيرقدار الذي كان أحد أصحاب المناصب آنذاك تشكل فرصة تاريخية لإعادة التحقيق في هذا الأمر ومنح المجرمين العقوبات التي يستحقونها".
واستطرد مشددا على أن "إعادة التحقيق في حملات الفساد والرشوة نهاية عام 2013 هي مسؤولية تقع على عاتق جميع النواب الموجودين داخل البرلمان”.
أردوغان يتستر
يذكر أنه تم تشكيل لجنة تحقيق في البرلمان التركي ضد وزير البيئة والتحضر، بيرقدار، ووزير الاقتصاد ظافر جاغلايان، ووزير الداخلية معمر غولر، ووزير الاتحاد الأوروبي أغمين باغش، الذين أجبروا على الاستقالة بعد تحقيقات الفساد والرشوة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2013.
الرئيس أردوغان قرر إغلاق التحقيقات في قضايا الفساد عام 2013 والإفراج عن الوزراء ورجال الأعمال المعتقلين، في حين أمر بفصل واعتقال عناصر الشرطة والادعاء العام الذين شاركوا في التحقيقات.
في 5 يناير 2015، قررت اللجنة البرلمانية عدم إحالة الوزراء الأربعة إلى المحكمة العليا بتصويت تسعة أعضاء من حزب العدالة والتنمية. وفي تبرير القرار قيل إنه “لا يوجد شك كاف في أن الوزراء ارتكبوا الجرائم المزعومة”.
وبعد تغيير المدعين، أصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول قرارا بعدم الملاحقة القضائية للمشتبه بهم، بمن فيهم رجل الأعمال التركي الإيراني الأصل رضا زراب وأبناء الوزراء.
عملية فساد 2013
في صباح 17 ديسمبر/كانون الأول 2013، أمر المدعيان العامان جلال كارا ومحمد يوزكيتش، بتنسيق من المدعي العام الشهير زكريا أوز، بإطلاق عملية كبيرة أصابت الجميع بالصدمة.
وأسفرت العملية عن احتجاز 89 شخصا، بينهم باريش غولر، ابن وزير داخلية تلك الفترة معمر غولر؛ وصالح كاغان تشاغلايان، ابن وزير الاقتصاد ظفر تشاغلايان؛ وعبدالله أوغوز بيرقدار، ابن وزير البيئة والتخطيط العمراني أردوغان بيرقدار؛ والمدير العام لبنك “خلق” الرسمي سليمان أصلان.
وتم كذلك احتجاز اثنين من مشاهير عالم الأعمال علي آغا أوغلو والإيراني رضا ضراب، وعمدة بلدية “فاتح” في إسطنبول مصطفى دمير، بتهمة “الرشوة، وإساءة استخدام السلطة، والاختلاس في المناقصات العامة، والتهريب وتبييض الأموال”.
ثم أصدرت المحكمة، بعد النظر في الأدلة، قرارًا باعتقال 26 شخصًا من المتهمين، بينهم أبناء الوزراء الثلاثة، ومدير بنك “خلق” سليمان أصلان، ورضا ضراب؛ في حين أن المحكمة قضت بإخلاء سبيل ابن وزير التخطيط العمراني بيرقدار، ورجل الأعمال آغا أوغلو، وعمدة بلدية فاتح، قيد المحاكمة.
اعتبر أردوغان رئيس الوزراء في ذلك الوقت أردوغان قضية الفساد والرشوة “عملية سياسية” تستهدف الإضرار بحكومته والاقتصاد التركي، بل وصفها بـ”محاولة انقلاب” يقف وراءها ما أسماه “الكيان الموازي”، قاصدًا به حركة غولن.
ولذلك لم يتردد أردوغان في اتخاذ تدابير يمكن عدّها “ثورية”، لتبرئة المتهمين وإفلاتهم من قبضة السلطات الأمنية والقضائية.
بدأ أردوغان يهاجم بشراسة في جميع خطاباته “الكيان الموازي” أو “الدولة الموازية”، غير أن هذه الكلمة أو المفهوم لم يكن مألوفًا لدى الشارع التركي، ولم يستخدمه أردوغان من قبل بحق حركة الخدمة، بل لم يتخذ موقفًا سلبيًّا – في العلن على الأقل – من هذه الحركة طيلة عقد كامل من حكمه، إن استثنينا الخلاف حول إغلاق “معاهد التحضير الجامعي” الذي نشب بين الطرفين قبل عدة شهور من تحقيقات الفساد، الأمر الذي أفضى إلى الارتباك والالتباس في الأذهان.
وانقسم الشارع تبعا لذلك بين مؤيد لأردوغان في أطروحته، ومعتبر الكيان الموازي “حقيقة”، ومعارض له ومعتبر إياه “وهما” يضعه أردوغان أمام شعبه ليتمكن من التستر على فساد حكومته!
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز